واحتسب في ذلك الخير فإنّ الله يلحقك بآبائك الصالحين. ثمّ رفع الحسين يده وقال : اللهمّ إن متعتهم الى حين ففرّقهم فرقا ، واجعلهم طرائق قددا ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا فإنّهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا.
فحملت الرجالة يمينا وشمالا على من كان بقي مع الحسين عليهالسلام فقتلوهم حتى لم يبق معه إلاّ ثلاثة نفر أو أربعة.
فلمّا رأى الحسين عليهالسلام ذلك دعا بسراويل يلمع فيها البصر ففزرها ثمّ لبسها.
فلمّا قتل صلىاللهعليهوآلهوسلم عمد الحرّ بن كعب لعنه الله إليه فسلبه السراويل وتركه مجرّدا ، وكانت يد الحرّ بعد ذلك تيبسان في الصيف حتّى كأنّهما عودان ويرطبان في الشتاء فينضحان دما وقيحا إلى أن أهلكه الله.
فلمّا لم يبق مع الحسين عليهالسلام إلاّ ثلاثة رهط من أهل بيته أقبل على القوم يدفعهم عن نفسه والثلاثة يحمونه حتّى قتل الثلاثة ، وبقي وحده صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد اثخن بالجراح في رأسه وبدنه ، وجعل يضاربهم بسيفه وهم يتفرّقون عنه يمينا وشمالا.
فلمّا رأى ذلك شمر لعنه الله استدعى الفرسان فصاروا في ظهر الرجّالة ، وأمر الرماة أن يرموه ، فرشقوه بالسّهام حتّى صار كالقنفذ ، فأحجم عنهم ، فوقفوا بإزائه ، فنادى شمر بن ذي الجوشن لعنه الله الفرسان والرجّالة فقال : ويحكم ما تنتظرون بالرجل ، ثكلتكم امهاتكم. فحمل عليه من كلّ جانب ، فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقطعها ، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه ، وطعنه سنان بن أنس بالرمح فصرعه ، وبدر إليه خولى بن يزيد الأصبحي فنزل ليحتزّ رأسه فارعد ، فقال له شمر : فتّ الله في عضدك مالك ترعد؟ ونزل شمر إليه فذبحه ، ثمّ دفع رأسه الى خولى بن يزيد وأمره بحمله الى عمر بن سعد.
ونادى عمر بن سعد في أصحابه من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه. فانتدب عشرة ، منهم إسحاق بن حبوه وأخنس بن مرثد فداسوا الحسين عليهالسلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره.
وسرّح عمر بن سعد من يومه ذلك ـ وهو يوم عاشوراء ـ برأس الحسين عليهالسلام