قال : فلمّا خلق الله عزّ وجلّ آدم سمع من تخطيط أسارير جبهته نشيشا كنشيش الذرّ.
فقال : سبحانك ما هذا؟
قال الله عزّ وجلّ : يا آدم هذا تسبيح خاتم النبيّين وسيّد ولدك من المرسلين ، فخذه بعهدي وميثاقي على أن لا تودعه إلاّ في الأصلاب الطاهرة والفتيات الزاهرة.
قال آدم : نعم يا إلهي وسيّدي ، قد أخذته بعهدك على أن لا اودعه إلاّ في المطهّرين من الرجال والمحصنات من النساء.
قال : فكان نور محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يرى في دائرة غرّة جبين آدم عليهالسلام كالشمس في دوران فلكها وكالقمر في ديجور ليله ، فكان آدم عليهالسلام كلّما أراد أن يغشي حوّاء تطيّب وتطهّر وأمرها أن تفعل ذلك ويقول : يا حوّاء تطهّري فعسى هذا النور المستودع ظهري ووجهي عن قليل يستودعه الله طهارة بطنك.
قال : فلم تزل حوّاء كذلك حتى بشّرها الله عزّ وجلّ بشيث أب الأنبياء والمرسلين عليهم أفضل الصلاة والسلام ، وأصبح آدم عليهالسلام والنور مفقود من وجهه ، فنظر إليه في وجه حوّاء فسرّ بذلك.
قال : وحوّاء تزداد في كلّ يوم حسنا وجمالا وشكلا ، وبقي آدم عليهالسلام لا يقربها لطهارتها وطهارة ما في بطنها ، تأتيها الملائكة كلّ يوم بالتحيّات من عند ربّ العالمين ، وتؤتى في كلّ وقت بماء التسنيم من الجنّة فتشربه حتى خلق الله عزّ وجلّ شيثا في بطنها جنينا وحيدا ، وقد كانت تضع في كلّ بطن قبل ذلك ذكرا وانثى ، ما خلا شيثا فإنّ الله عزّ وجلّ خلقه وحيدا كرامة من الله عزّ وجلّ لنور محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فلم تزل كذلك حتى وضعت شيثا عليهالسلام.
فلمّا أن وضعته نظرت الى نور رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين عينيه ، فضرب الله بينها وبين ملعون الله إبليس حجابا من النور في غلظ خمس مائة عام ، فلم يزل ابليس محبوسا حتى بلغ شيث سبع سنين ، وعمود النور بين السماء والأرض وللملائكة