وقد نذر لله تعالى نذورا كثيرة وحلف أن لا يسكر أبدا ، فلا تذكر له شيئا ولا تعاتبه على ما كان منه. فقال عليهالسلام : هكذا كان عزمي ورأيي. فقلت : إنّ جماعة من بني هاشم والقوّاد ما خلا عبد الرحمن وحمزة بعث بهم يسلّمون عليك ويكونون معك. فقال : أدخل بني هاشم والقوّاد ما خلا عبد الرحمن وحمزة بن الحسين.
فخرجت إليهم فأدخلتهم ، فدعا بثيابه فلبسها ونهض فركب وركب معه الناس حتّى دخل على المأمون ، فلمّا رآه قام إليه وضمّه إلى صدره ورحّب به ولم يأذن لأحد في الدخول إليه ، فلم يزل يحدّثه ويسامره ، فلمّا انقضى ذلك قال له أبو جعفر عليهالسلام : يا أمير المؤمنين. فقال المأمون : لبيك. قال : لك عندي نصيحة. فقال المأمون : بحمد وشكر. فقال : احبّ أن لا تخرج بالليل فإنّي لست آمن عليك هذا الخلق المنكوس. فقال : أقبل قولك. وعاد أبو جعفر عليهالسلام إلى داره (١).
وقال ابن أرومة : إنّ المعتصم دعا بجماعة من وزرائه فقال لهم : اشهدوا لي على محمّد بن عليّ بن موسى زورا واكتبوا أنّه أراد أن يخرج عليّ. ثمّ دعا به فقال له : إنّك أردت أن تخرج عليّ فقال : والله ما فعلت شيئا من ذلك. قال : إنّ فلانا وفلانا شهدوا عليك. واحضروا فقالوا : نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك قال : وكان جالسا في بهوة (٢) فرفع أبو جعفر عليهالسلام يده فقال : اللهمّ إن كانوا قد كذبوا عليّ فخذهم. قال : فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يرجف ويذهب ويجيء وكلّما قام واحد وقع. فقال المعتصم : يا ابن رسول الله انّي تائب ممّا قلت فادع ربّك أن يسكنه. فقال : اللهمّ سكّنه فإنّك تعلم انّهم أعداؤك وأعدائي ، فسكن (٣).
فصل
في ذكر معجزات الجواد عليهالسلام
قال أبو هاشم الجعفري : جاء رجل إلى محمّد بن عليّ بن موسى فقال :
__________________
(١) الخرائج والجرائح : ج ١ ص ٣٧٢ ـ ٣٧٥ ب ١٠ ح ١.
(٢) البهو : البيت المقدّم أمام البيوت.
(٣) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٧٠ ـ ٦٧١ ح ١٨.