في يومه ، فنزل خان الصعاليك فأقام فيه يوما ، ثمّ تقدم المتوكّل بإفراد دار انتقل إليها (١).
وروي عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليهالسلام يوم وروده فقلت له : جعلت فداك في كلّ الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصير بك حتى أنزلوك هذا الخان الأشنع خان الصعاليك فقال : هاهنا أنت يا ابن سعيد؟ ثمّ أومأ بيده فإذا أنا بروضات آنقات ، وأنهار جاريات ، وجنان فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنّهنّ اللؤلؤ المكنون ، فحار بصري وكثر تعجّبي ، فقال لي : حيث كنّا فهذا لنا يا ابن سعيد ، لسنا في خان الصعاليك (٢).
وأقام أبو الحسن عليهالسلام مدّة مقامه سرّ من رأى مكرّما في ظاهر حاله ، يجتهد المتوكّل بإيقاع حيلة فما تمكّن من ذلك.
وقال مسلمة الكاتب : كان المتوكّل يركب الى الجامع ومعه عدد ممّن يصلح للخطابة ، وكان فيهم رجل من ولد العبّاس بن محمّد يلقّب بـ « هريسة » ، وكان المتوكّل يحقّره ، فتقدّم إليه أن خطب يوما فأحسن. فتقدّم المتوكّل يصلّي فسابقه ونزل من المنبر عاجلا وجذب منطقته من ورائه وقال : يا أمير المؤمنين من خطب يصلّي. فقال المتوكّل : أردنا أن نخجله فأخجلنا.
وكان أحد الأشرار فقال يوما للمتوكّل : ما يعمل أحد بنفسه ما تعمله بنفسك في عليّ بن محمّد ما يبقى في الدار إلاّ من يخدمه وتعينه بشيل الستر وفتح الأبواب ، وهذا شيء إذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه الأمر ما فعل هذا به ، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره فتمسّه بعض الحفوة. فتقدّم المتوكّل أن لا يخدم ولا يشال بين يديه ستر ، فكتب صاحب الخبر إليه أنّ عليّ بن محمّد دخل الدار فلم يخدم ولم يرفع له ستر فهبّ هواء فرفع الستر ودخل. فقال : اعرفوا خبر خروجه ، فذكر صاحب الخبر أنّ هواء خالف ذلك الهواء فشال ذلك الستر فخرج (٣).
__________________
(١) الفصول المهمّة : ص ٢٧٩ ـ ٢٨١.
(٢) الكافي : ج ١ ص ٤٩٨ ح ٢.
(٣) الأمالي للطوسي : ج ١ ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣ المجلس الحادي عشر ح ٣.