الإجلال والإعظام ، فعظم قدره عندي إذ لم أر له وليّا ولا عدوّا إلاّ وهو يحسن القول فيه والثناء عليه (١).
وقال محمّد بن الحسن بن ميمون : كتبت إلى مولاي العسكري عليهالسلام اشكو الفقر ، ثمّ قلت في نفسي : أليس قال أبو عبد الله عليهالسلام : « الفقر معنا خير من الغنى مع عدوّنا ، والقتل معنا خير من الحياة مع عدوّنا ».
فرجع الجواب : إنّ الله جلّ وعزّ يمحّص ذنوب أوليائنا إذا تكاثفت بالفقر ، وقد يعفو عن كثير ، وهو كما حدّثتك نفسك : الفقر معنا خير من الغنى مع عدوّنا ، ونحن كنف لمن التجأ إلينا ، ونور لمن استبصر بنا ، وعصمة لمن اعتصم بنا ، من أحبّنا كان معنا في السنام الأعلى ، ومن انحرف عنّا فإلى النار هوى (٢).
وقال عليّ بن محمّد بن إبراهيم المعروف بابن الكردي ، عن محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : ضاق بنا الأمر فقال لي أبي : امض بنا حتى نصير الى هذا الرجل ـ يعني أبا محمّد عليهالسلام ـ فإنّه قد وصف عنه سماحة فقلت : تعرفه؟
فقال : ما أعرفه ولا رأيته قطّ.
قال : فقصدناه ، فقال أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا الى أن يأمر لنا بخمسمائة درهم : مائتي درهم للكسوة ، ومائتي درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة : وقلت في نفسى : ليته أمر لي بثلاثمائة درهم : مائة اشتري بها حمارا ، ومائة للنفقة ، ومائة اشتري بها كسوة فأخرج الى الجبل.
قال : فلمّا وافينا الباب خرج إلينا غلامه وقال : يدخل عليّ بن إبراهيم ومحمّد ابنه ، فلمّا دخلنا عليه وسلّمنا قال لأبي : يا عليّ ما خلّفك عنّا إلى هذا الوقت؟ قال : يا سيّدي استحييت أن ألقاك على هذه الحال. فلمّا خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرّة وقال : هذه خمسمائة : مائتان للكسوة ومائتان للدقيق ومائة للنفقة ، وأعطاني صرّة وقال : هذه ثلاثمائة درهم فاجعل مائة في ثمن حمار ومائة للكسوة ومائة للنفقة ولا تخرج الى الجبل وصر إلى سوراء.
__________________
(١) الكافي : ج ١ ص ٥٠٣ ـ ٥٠٦ ح ١.
(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٤٣٥.