وأخوه جعفر ، فخففنا له ، وقبّلت وجه الحسن وأجلسته على مضربة كانت تحتي ، وجلس جعفر قريبا منه ، وكان المتولّي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول انّه علوي ، فالتفت أبو محمّد عليهالسلام وقال : لو لا أنّ فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرّج الله عنكم. وأومأ الى الجمحي ، فخرج فقال أبو محمّد : هذا الرجل ليس منكم فاحذروه وأنّ في ثيابه قصّة قد كتبها الى السلطان يخبره بما تقولون فيه. فقام بعضهم ففتش ثيابه ، فوجد فيها القصّة قد ذكرنا فيها بكلّ عظيمة ويعلمه أنّنا نريد ننقب ونهرب (١).
وقال أبو هاشم : كان أبو محمّد عليهالسلام يصوم ، فإذا أفطر أكلنا معه ما كان يحمله إليه غلامه في خونة مختومة ، وكنت أصوم معه ، فلمّا كان بعض الأيّام ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة وما شعر بي أحد ، ثمّ جئت فجلست معه ، فقال لغلامه : أطعم أبا هاشم شيئا فإنّه مفطر ، فتبسّمت ، فقال : ما يضحكك يا با هاشم ، إذا أردت القوّة فكل اللحم فإنّ الكعك لا قوّة فيه. فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم عليكم السلام ، فأكلت. فقال : أفطر ثلاثا فإنّ المنّة لا ترجع إذا نهكه الصوم في أقلّ من ثلاث.
فلمّا كان في اليوم الذي أراد الله أن يفرّج عنّا جاءه الغلام فقال : يا سيّدي احمل. فقال : أحمل وما أحسبنا نأكل منه. فحمل الطعام الظهر واطلق عنه عند العصر وهو صائم ، فقال : كلوا هداكم الله (٢).
وقال يوسف بن محمّد بن زياد وعليّ بن سيّار ، قالا : حضرنا ليلة على عرفة لأبي محمّد الحسن بن عليّ الزكيّ ، وقد كان الوالي في ذلك الوقت معظّما له ، إذ جاء الى البلد ومعه رجل مكتوف فقال : يا ابن رسول الله أخذت هذا على باب حانوت صيرفي فلمّا هممت بضربه قال : إنّي من شيعة عليّ وشيعتك فكففت عنه ، فهل هو كذلك؟ فقال عليهالسلام : معاذ الله ما هذا من شيعة عليّ؟ فنحّاه وقال : ابطحوه ، فبطحوه فأقام عليه جلاّدين وقال : أوجعاه ، فأهويا بعصيهما ، فكان لا يصيبانه
__________________
(١) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٨٢ ح ١.
(٢) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٨٣ ح ٢.