وأقبل عليّ فقال : هو كما أسررت في نفسك ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ) قلت : أشهد أنّك حجّة الله وابن حججه في عباده (١).
وقال أبو هاشم أنّه سأله عن قوله تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ ) (٢) قال : كلّهم من آل محمّد ، الظالم لنفسه : الذي لا يقرّ بالإمام ، والمقتصد : العارف بالإمام ، والسابق بالخيرات : الإمام.
فجعلت افكّر في نفسي عظم ما أعطى الله آل محمّد وبكيت. فنظر إليّ فقال : الأمر أعظم ممّا حدّثتك به نفسك من عظم شأن آل محمّد ، فاحمد الله فقد جعلك متمسّكا بحبلهم ، تدعى يوم القيامة بهم إذا دعي كلّ اناس بإمامهم ، إنّك على خير (٣).
وقال أبو هاشم : سأله محمّد بن صالح الأرمني عن قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٤) فقال : هل يمحو إلاّ ما كان؟ وهل يثبت إلاّ ما لم يكن؟ فقلت في نفسي : هذا خلاف قول هشام بن الحكم أنّه لا يعلم بالشيء حتى يكون. فنظر إليّ وقال : تعالى الجبّار العالم بالأشياء قبل كونها. قلت : أشهد أنّك حجّة الله (٥).
وقال أبو هاشم : سمعته يقول : الذنوب التي لا تغفر قول الرجل ليتني لا او آخذ إلاّ بهذا. فقلت في نفسي : إنّ هذا لهو التدقيق ، وينبغي للرجل أن يتفقّد من نفسه كلّ شيء. فقال : صدقت يا با هاشم الزم ما حدّثتك به نفسك ، فإنّ الشرك في الناس أخفى من دبيب الذرّ على الصفاء في الليلة الظلماء (٦).
وقال أبو جعفر : دخل على الحسن بن عليّ عليهماالسلام قوم من سواد العراق يشكون قلّة الأمطار ، فكتب لهم كتابا فأمطروا. ثمّ جاءوا يشكون كثرته ، فختم في الأرض فأمسك المطر.
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٤٣٦.
(٢) فاطر : ٣٢.
(٣) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٨٧ ح ١٠.
(٤) الرعد : ٣٩.
(٥) الخرائج والجرائح : ج ٢ ص ٦٨٧ ح ١٠.
(٦) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٤ ص ٤٣٩.