قيل : هو عبد المطّلب بن هاشم ذهبت إبل له فأرسل ابن ابنه في طلبها ، ولم يرسله في حاجة قطّ إلاّ جاء بها ، وقد احتبس عليه.
قال : فما برحت أن جاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وجاء بالإبل.
فقال له : يا بنيّ لقد حزنت عليك حزنا لا يفارقني أبدا (١).
وتوفّي عبد المطّلب وللنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمان سنين ، وكان خلف جنازة عبد المطّلب يبكي حتى دفن بالحجون ، وكان يومئذ للنبيّ عليهالسلام ثمان سنين وشهران وعشرة أيّام ، فكفّله أبو طالب عمّه ، وكان أخا عبد الله لامّه وأبيه.
وقيل : إنّه لمّا كبر واستوى عليهالسلام عاداه أبو جهل وجمع صبيان بني مخزوم وقال : أنا أميركم ، وانعقد صبيان بني هاشم وبني عبد المطّلب على النبيّ عليهالسلام وقالوا له : أنت الأمير.
قالت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها : وكان في صحن داري نخلة قد يبست وخاست ولها زمان يابسة ، فأتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما الى النخلة فمسّها بكفّه فصارت من وقتها وساعتها خضراء ، وحملت ، فكنت في كلّ يوم أجمع له الرطب في دوخلّة (٢) ، فإذا كان وقت ضاحي النهار يدخل فيقول : يا امّاه أعطيني ديوان العسكر. وكان يأخذ الدوخلّة ثمّ يخرج يقسم الرطب على صبيان بني هاشم.
فلمّا كان بعض الأيّام دخل وقال : يا امّاه أعطيني ديوان العسكر. فقلت : يا ولدي اعلم أنّ النخلة ما أعطتنا اليوم شيئا. قالت : فو حقّ نور وجهه لقد رأيته وقد تقدّم نحو النخلة وتكلّم بكلمات ، وإذا بالنخلة قد انحنت حتى صار رأسها عنده ، فأخذ من الرطب ما أراد ثمّ عادت النخلة الى ما كانت ، فمن ذلك اليوم قلت : اللهمّ ربّ السماء والأرض ارزقني ولدا ذكرا يكون أخا لمحمّد ، فصار لي عليّ ، فما كان يقرب صنما ولا يسجد لوثن ، كلّ ذلك ببركة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) وكان من وقاية
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٤ نقلا بالمعنى.
(٢) الدوخلّة : بتشديد اللام : سقيفة من خوص كالزبيل والقوصرة يترك فيها التمر وغيره ، والواو زائدة. النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ١٣٨ مادة « دوخل ».
(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٧ ـ ٣٨.