فقال : إنّي لا آكل دون هؤلاء.
فقال : إنّه لم يكن عندي أكثر من هذا.
قال : أفتأذن أن يأكلوا معي قال : بلى.
قال : كلوا بسم الله. فأكل وأكلنا معه ، فو الله لقد كنّا مائة وسبعين رجلا فأكل كلّ واحد منّا حتى شبع وتجشّأ ، وبحيرا على رأسه يذبّ عنه عليهالسلام ويتعجّب من كثرة الرجال وقلّة الطعام ، وفي كلّ ساعة يقبّل يافوخه ويقول : هو هو وربّ المسيح.
فقالوا له : إنّ لك لشأنا.
فقال : وإنّي لأرى ما لا ترون ، وأعلم ما لا تعلمون ، وأنّ تحت هذه الشجرة لغلاما لو أنتم تعلمون منه ما أعلم لحملتموه على أعناقكم حتى تردّوه الى وطنه ، ولقد رأيت له وقد أقبل نورا أمامه ما بين السماء والأرض ، ولقد رأيت رجالا في أيديهم مراوح الياقوت والزبرجد يروّحونه ، وآخرين ينثرون عليه أنواع الفواكه ، ثمّ هذه السحابة لا تفارقه ، ثمّ صومعتي مشت إليه كما تمشي الدابّة على رجلها ، ثمّ هذه الشجرة لم تزل يابسة قليلة الأغصان وقد كثرت أغصانها واهتزّت وحملت ثلاثة أنواع من الفاكهة ، ثمّ هذه الحياض قد فاضت بعد ما غارت في أيّام الحواريّين.
ثمّ قال : يا غلام أسألك باللات والعزّى عن ثلاث.
فقال : والله ما أبغضت شيئا كبغضي إيّاها.
فسأله بالله من حاله ونومه وهيبته ، ثمّ نظر الى خاتم النبوة فجعل يقبّل رجليه (١).
وفي رواية : أنّه قال لأبي طالب : ما هو منك؟ قال : ابني.
قال : ما هو بابنك ، ولا ينبغي أن يكون أبوه حيّا.
فقال : إنّه ابن أخي مات أبوه وهو صغير.
__________________
(١) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٣٨ ـ ٣٩.