كانا له الملجأ والمفزع ، كما يكون المطر للزرع غيثاً وعطاءً.
افتقد « علي » صاحب الرسالة الذي كان له الأخ والعم والمعلم ، وبعدها تتبعه ابنته « الزهراء » الزوجة الوفية المخلصة. ويبقى وحيداً حزيناً قد تنكر له الجميع.
وليس بمستغرب أن تتحمل زينب مسؤولية الأم في بيت أبيها وتحتل مكانة عالية فقد انضجتها الأحداث ، وهيأتها لأن تشغل مكان الراحلة الكريمة فتكون للحسن والحسين وباقي إخوتها اماً حنوناً ، لا تعوزها عاطفة الامومة بكل ما تحتويه من إيثار وإن كانت صغيرة السن يعوزها الاختبار.
لقد حفظت وصية امها ، وهي على فراش الموت ( بأن تصحب أخويها ، وترعاهما وتكون أماً لهما ).
تحملت السيدة زينب مسؤولية عظيمة وقامت بها خير قيام ، ولا عجب فهي ليس كباقي الفتيات ، تسرح مع لداتها ، وتقضي وقتها باللعب والسمر الذي يتطلبه عمرها الصغير.
كانت تربية « زينب » عالية فهي فرع من تلك الدوحة المقدسة ، وكلما تقدم بها الزمن ، انضجتها الأحداث ، وعلمتها النوائب كيف تستقبلها بقلب ثابت ملؤه البطولة والإيمان.
تقول الدكتورة بنت الشاطئ : « ولم تظفر صبية من لداتها فيما نحسب ، بمثل ما ظفرت به في تلك البيئة الرفيعة ، من تربية عالية ».
وكان هذا كله بحيث يرضي « زينب » في صباها ، ويتيح لنا أن نراها مرحة مزهوة. ولكنها لا تكاد تشب عن الطوق حتى يقال انها عرفت النبوءة الأليمة.