فقال مروان اللعين لحامل الرأس : هاته.
فدفعه إليه ، فأخذه بيده ، وقال :
يا حبذا بردك في اليدين |
|
ولونك الأحمر في الخدّين |
وهذه العداوة المحضة الأصيلة ، وطلب القديم من ثار الجاهلية ، لم يستطع مروان اللعين أن يخفيه ، وبعثه السرور بقتل الحسين صلوات الله عليه ، على أن أخذه بيده ، وقال ما قاله.
وقد كان علي عليهالسلام أسره يوم الجمل ، فمنّ عليه وأطلقه ، فما راعى ذلك ولا حفظه بل قد شاور معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات الله عليه لما غلب على الأمر ، فتمثل بقول الأول :
أجنوا أخاهم في الحفير ووسدوا |
|
أخاهم وألقوا عامرا لم يوسد |
يحرضه بذلك على نبش قبر علي عليهالسلام ، ويذكره قتلى بدر من بني عبد الشمس ، ومن قتل منهم على الكفر غير موسد ولا مدفون.
فأما عثمان لو كان أراده ، فقد كان عثمان ، فهذا ما لا ستر عليه ولا خفاء به من تنكله ذحول الجاهلية.
ثم استشار معاوية في نبش قبر علي عليهالسلام عبد الله بن عامر بن كريز (١).
فقال : ما احبّ أن تعلم مكان قبره ، ولا أن تسأل عنه ، ولا احبّ أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا.
فقبل معاوية من عبد الله ما أشار به عليه ، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي عليهالسلام الذي استحباه ومنّ عليه ، وأطلقه من
__________________
(١) وأظنه عبد الله بن عامر القرشي ولد بمكة ، اشترك في فتوح فارس وحاز أموالا كثيرة ، ولاه عثمان البصرة ، التزم جانب عائشة مخالفة لعلي ، ولاه معاوية البصرة مرة ثانية ، ثم صرفه عنها ، فأقام بالمدينة. توفي في مكة ٥٩ ه.