يوم احد (١) ، فأبلى من المشركين بلاء شديدا ، وقتل منهم عددا كثيرا ، وقتل يومئذ عثمان بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (٢).
وكان إذا هجم يومئذ انفرجوا ، ولم يقم أحد منهم له ، فهجم في جماعة منهم ، فافترقوا ، وكان فيهم وحشي بن الحارث ، وكان من سودان مكة عبدا لجبير بن مطعم (٣) ، فاستتر منه [ خلف ] شجرة ، ولم يرد حمزة عليهالسلام وسار مقدما أمامه في طلب المشركين.
فرماه وحشي بحربة كانت معه ، فأصاب مقتله فسقط ، وأحاط به المشركون فمثلوا به لشدة ما أبلى [ في ] هم وكثرة من قتل منهم. وكانت هند أمّ معاوية مع المشركين يومئذ تحرضهم على القتل ، فلما أن قتل حمزة أتت إليه ، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده ، فرمتها في فمها ولاكتها ، وأرادت أن تبلعها ، فلم تستطع وألقتها (٤).
__________________
(١) عن عمر يناهز الاربع والستين سنة.
(٢) قال الواقدي في المغازي ١ / ٢٤٦ : وكان يرتجز أمام النساء :
اني على أهل اللواء حقا |
|
ان تخطب الصعدة أو تندقا |
(٣) جبير بن مطعم بن عدي ( شرح النهج لابن أبي الحديد ١٥ / ١٣ ).
(٤) قال حسان بن ثابت وهو يبكي :
أتعرف الدار عفا رسمها |
|
بعدك صوب المسيل الهاطل |
بين السراديح فأدمانة |
|
فمدفع الروحاء في حائل |
سألتها من ذاك فاستجمعت |
|
لم تدر ما مرجوعة السائل |
دع عنك دارا قد عفا رسمها |
|
وابك على حمزة ذي النائل |
المالئ الشيزى إذا أعصفت |
|
غبراء في ذي الشيم الماحل |
والتارك القرن لذي لبدة |
|
يعثر في ذي الخرص الذابل |
واللابس الخيل إذا أحجمت |
|
كالليث في عابته الباسل |
أبيض في الذروة من هاشم |
|
لم يمرّ درن الحق بالباطل |
مال شهيدا بين أسيافكم |
|
شلّت يدا وحشي من قاتل |
صلّى عليه الله في جنة |
|
عالية مكرمة الداخل |