ثم نظر الى معاوية وتصفح وجوه من حوله ، وضحك.
فقال معاوية : ما أضحكك يا أبا يزيد ، أمنا ضحكت أم من علي؟
فقال : ضحكت والله بما قسم الله لعلي. اني كنت في مجلسه ، فنظرت الى من فيه ، فلم أر غير المهاجرين والانصار ونظرت الى من في مجلسك ، فلم أر غير الطلقاء وبقايا الاحزاب.
فقال معاوية لأهل الشام : ألا تعجبون من رجل يقول هذا القول وأنتم تقرءون قول الله عزّ وجلّ : ( تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ. سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ ) (١) وهو عمّ علي (٢).
وأقبل على عقيل ، فقال له : يا أبا يزيد أين ترى عمك أبا لهب الآن من النار ، وما هو الآن صانع فيها؟
فأقبل [ عقيل ] على أهل الشام ، فقال : ألا تعجبون من معاوية يقول مثل هذا القول ، وأنتم تقرءون : ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ) (٣) وهي عمة معاوية.
ثم أقبل على معاوية ، فقال : إذا شئت أن تعلم أين أبو لهب من النار ، فأنت تراه فيها إذا دخلتها مفترشا عمتك حمالة الحطب ، فتعلم
__________________
(١) المسد : ١ ـ ٣.
(٢) والى هذا يشير أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله :
أبا لهب تبّت يدا أبا لهب |
|
وصخرة بنت الحرب حمالة الحطب |
خذلت نبي الله قاطع رحمه |
|
فكنت كمن باع السلامة بالعطب |
لخوف أبي جهل فأصبحت تابعا |
|
له كذلك الرأس يتبعه الذنب |
( الكنى والألقاب ١ / ١٤٣ ط صيدا ١٣٣٧ ه )
(٣) المسد : ٤ و ٥.