فدفع إليه دينارا واحدا ، فأخذه ليشتري به لأهله ما يقوتهم وقد مضت لهم ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا. فمرّ بالمقداد قاعدا في ظل جدار قد غارتا عيناه من الجوع.
فقال له علي عليهالسلام : يا مقداد ما أقعدك في هذه الظهيرة في ظل هذا الجدار.
قال : يا أبا الحسن ، أقول كما قال العبد الصالح لما تولى الى الظل ( رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) (١).
قال : مذ كم يا مقداد؟
قال : مذ أربع ، يا أبا الحسن.
قال علي عليهالسلام : فنحن مذ ثلاث وأنت مذ أربع ، أنت أحق بالدينار.
فأعطاه الدينار ، ومضى علي عليهالسلام الى المسجد فصلّى فيه الظهر والعصر والمغرب مع رسول الله صلىاللهعليهوآله [ وكان ذلك اليوم صائما ، فأتاه جبرائيل عليهالسلام فقال : يا محمد يكون إفطارك الليلة عند علي وفاطمة عليهماالسلام : فلما قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله صلاة المغرب أخذ بيد علي ومشى معه الى منزله ودخلا.
فقالت فاطمة : وا سوأتاه من رسول الله أما علم أبو الحسن أنه ليس في منزلنا شيء.
ودخلت الي البيت ، فصلّت ركعتين ، ثم قالت :
اللهمّ إنك تعلم أن هذا محمد رسولك ، وأن هذا صهره علي وليك ، وأن هذين الحسن والحسين سبطا نبيك ، وأني فاطمة بنت نبيك ، وقد نزل بي من الأمر ما أنت أعلم به مني ، اللهمّ فأنزل علينا
__________________
(١) القصص : ٢٤.