طالب (١).
فهؤلاء عندهم أئمة قاموا ، ودعوا الناس الى أنفسهم. قالوا : وكل من قام من ولد الحسن أو ولد الحسين دون سائر الناس فهو إمام حق وجائز له أن يخرج ويقوم ويدعو الى نفسه ، ويدعي الإمامة. وهم كلهم عندهم شرعا سواء من قام منهم ، فهو امام مفترض الطاعة ، ومن تخلف عنه ـ قالوا : وهو يستطيع القيام معه ـ فهو كافر.
فأول من قام بهذا القول زيد بن علي بن الحسين بن علي ، وبه سميت هذه الفرقة الزيدية. ولكل من ذكرنا من هذه الفرقة احتجاج فيما ذهبوا إليه وذكروه ، والحجة عليهم تخرج عن حدّ هذا الكتاب ، ونحتاج الى كتاب مثله. وقد ذكرنا ما يكتفى به من ذلك في كتاب « اختلاف اصول المذاهب ». وكتاب « الامامة » وغيرهما مما جمعته. والله الموفق للصواب بفضل رحمته. فتاهت هذه الفرق في مهاوي الضلالة ، وتعكست في العمى والجهالة ، وأولياء الله ائمة دينه كاد لا يعرفهم إلا خواصّ أوليائهم ، ومن منّ الله عليهم بمعرفتهم إلى أن يتم الله جلّ ذكره ، وبلغ الكتاب أجله ، فأنجز تبارك وتعالى وعده ، وأظهر
__________________
(١) قال المؤلف في ارجوزته ص ٢١٤ :
وقالت الطائفة الزيدية |
|
مقالة لم تك بالمرضية |
بأن كل قائم يقوم من |
|
نسل الحسين بن علي الحسن |
بسيفه يدعو إلى التقدم |
|
فهو الإمام دون من لم يقم |
منهم ومن كل امرئ في وقته |
|
مستترا قد انزوى في بيته |
واتبعوا زيدا على ما رتبوا |
|
من الدعاوى وإليه نسبوا |
حتى إذا قتل قاموا بعده |
|
مع الحسين حين قام وحده |
واتبعوا يحيى بن زيد إذ بدا |
|
ثم تولّوا بعده محمدا |
أعني ابن عبد الله من نسل حسن |
|
وكلهم ظل قتيلا مرتهن |
فهؤلاء عندهم أئمة |
|
ومن يقوم بعدهم للامة |
وكل من سواهم الرعية |
|
كسائر الامة بالسوية |