فمن سمي بغير اسمه وطلب ما ليس له ، وتعجيل ما أجل الله تعالى ، ووضع الأمر في غير موضعه الذي وضعه سبحانه. وقد كان من هؤلاء ما كان ومن غيرهم ممن قام منهم بغير أسباب السلطان بل بالبغي من بعضهم على بعض وعلى الناس ما يطول ذكره وذكر أخبارهم. وكيف تفرقت الأحوال بهم ، وقتل من قتل منهم (١) ، وذلك ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب لطوله ، ولأن ذلك لو ذكر في هذا الكتاب لقطع المراد به.
وانما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبههم من أفرد الله جلّ اسمه بالقيام بحقه ، وتقدم الخبر أن رسول الله صلىاللهعليهوآله بصفته وحاله ووقته ، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه والتحذير من ادعى مقامه والتقدم بين يديه ، والأخبار بأن ذلك يوجب هلاك من فعله ، وادعاه ، وقام بما ليس له به منه ، وكان ما حلّ بهؤلاء مصداق ما قاله الائمة من آبائه صلوات الله عليهم ، فلم يزالوا واحدا بعد واحد منهم مستترين لتغلّب أعداء الله عليهم حافظين لامانة الله عندهم التي .... من الإمامة التي أوجبها على العباد لهم وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد الى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه ، صلوات الله عليه (٢).
__________________
(١ ـ ٢) أقول : نستنتج من مفاد كلام المؤلف أن من ادعى الإمامة والمهدوية فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة لأنها لم تدم ، ولو استقامت لفترة من الزمان فسرعان ما غلب عليهم الظالمون أو أزلامهم وأبادوهم أو فرقوهم. وأن المهدي الفاطمي هو الحق المهدي الموعود لان دولته تدوم الى الأبد وتشمل البلدان شرقا وغربا ، وتجسد فيها كل ما ذكره النبي صلىاللهعليهوآله والائمة الأطهار عليهمالسلام من التنبوءات والعلامات. وبما أن هذه الدولة ازيلت كسابقتها ولم تدم بعد غزوة صلاح الدين الايوبي على مصر وقتله الفاطميين بطلت هذه الدعوى ، وأن المهدي الذي ركز المؤلف عليه وادعاه وجعله مصداقا للأحاديث والاخبار التي يذكرها المؤلف فيما يأتي وادعى صحتها متنا وسندا ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود.
وأظن أن الذي أوقعه في هذا الالتباس هو عدم مراجعته للروايات التي تحدد عدد الائمة والخلفاء بعد الرسول الكريم. وبهذا التحديد نعرف أن المهدي الذي هو المصداق الحقيقي لما اسرده ونذكره من الروايات هو خاتمة هذه الائمة والخلفاء.