الدنيا بغير حلّة ، واستمالهم به أعداء الله المتغلبين على أمر أولياء الله.
وفتنة الضرّاء : ما فتن به العباد وابتلوا به من جور ائمة الجور عليهم وتغلبهم وانتهاكهم اياهم.
وأما قوله : فتنة يمحّص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن. فالمحص ـ في لغة العرب ـ : إخلاص الشيء ، تقول محصته محصا : أي أخلصته من كل عيب ، قال الله تعالى : ( وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ ) (١) فيما امتحن الناس به من افتتان أعداء الله بائمة الجور واتباعهم الناس ببذل الدنيا لمن أسعدهم ، وتتابع المكروه على من تمسك بدينه صابرا على مكروههم. محّص الله تعالى المؤمنين وأخلصهم ، وأبانهم ممن مال الى أعدائه للرغبة والرهبة ، فلم يزالوا على ذلك حتى قام مهديّهم ، فاستنقذ من بلغت إليه دعوته ومدّته وأيامه ، ونالته يده من المؤمنين ، واستنقذ بعده وتستنقذ كذلك الائمة من ذريته من بقي منهم حتى ينجز الله وعده لأوليائه وعباده المؤمنين ، ويحق وعيده على أعدائه الكافرين ويكون الدين كله كما قال. فالسعيد كل السعيد من صبر لذلك وأخلص وانتظر ، كما قال وهو أصدق القائلين : ( فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (٢).
[١٢٦٦] وروى أحمد بن عمر ، باسناده ، عن علي عليهالسلام أنه قال لبعض شيعته وقد ذكر تغلّب أهل الباطل : يا معشر شيعتنا صلّوا معهم الجمعات ، وأدوا إليهم الأمانات ، فإذا جاء التمييز قامت الحرب على ساق ، فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة من اتبعه كان محسنا ، ومن تخلّف عنه كان ممحقا ، ومن لحق به لحق بالحق.
ألا إن الدين [ بنا ] فتح وبنا يختم ، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم
__________________
(١) آل عمران : ١٤١.
(٢) الاعراف : ٧١.