الليلة فلا يحرم رؤياي. فلما كانت تلك الليلة من هذا العام ، فلم أر فيها ولا بعدها. اغتممت غما شديدا ، فلما بتّ البارحة رأيته ، فجعلت أبكي إليه ، فأقول : يا رسول الله ، لقد طال شوقي إليك ؛ وحرمت منك ما كنت تعودته ، وساء ظني بنفسي لذلك. فقال : لا يسوء ظنك فهذا داعي المهدي قد حلّ بالبلد الذي أنت فيه بين ظهراني أهله ، فاذهب إليه.
قلت : وأين أجده يا رسول الله ومن هو؟
قال : اذهب غدا الى الكهف الفلاني ـ وسماه لي هذا الكهف ـ فانك تجده مستترا.
قلت له : يا رسول الله صفه لي. فوصفك بصفتك ، وقال : سله كذا وكذا ـ وذكر لي المسائل التي سألتك عنها ، فان أجابك بكذا وكذا ـ وذكر لي ما أجبتني ـ فهو صاحبك.
قال أبو القاسم : فأدركتني خشية ، وقلت في نفس : ما عسى أصنع فيمن أرسله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكشفت له أمري ، ودعوته ، فأجاب ، فأخذت عليه العهود في مقامه.
وكان هذا الرجل معروفا من أجلة أصحابه.
قال أبو القاسم : وكان الامام لما بعثني الى اليمن ، أمرني أن أقصد عدن لاعة (١). فلما سرت الى اليمن سالت عدن لاعة ، فكل من سألته عن ذلك ، قال : انما نعرف بعدن أبين (٢) ، فقلت في نفسي : لعل هذا الاسم قد غيّر وبدّل عما يعرفه الامام.
فقصدت عدن أبين لما أجد ، وسألت عما يحمل إليه من التجارة ،
__________________
(١) وهي قرية بجنب مدينة لاعة من أعمال صنعاء ( معجم البلدان ٤ / ٨٩ ).
(٢) الساحلية.