والمهدي هو المراد بالشمس التي ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله أنها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمائة من هجرته ، وكذلك طلع هو عليهالسلام في سنة سبع وتسعين ومائتين ، ورأس الثلاثمائة ما دخل في عقد آخر عدها أعني العشرة الآخرة من عدد الثلاثمائة ، ولم يطلع في ذلك الوقت ، ولا فيما قرب منه من قبله ولا من بعده شمس من المغرب ، ولا انسان يشبه بالشمس ويضاف اسمها إليه غيره.
ومن ذلك ما قاله الفهري في المهدي عليهالسلام في قصيدة له طويلة :
فعند الست والتسعين قطع القول والعذر |
|
لأمر ما يقول الناس بيع الدر بالبعر |
وصار الجوهر المكنون علفا غير ذي قدر |
|
يتيم كان خلف الباب فانقضّ على الوكر |
ففي سنة ست وتسعين ظهر أبو عبد الله على مملكة إفريقيا ، وأقام دعوة المهدي ، ورأى الناس أن الاشراف فيهم ، وهم الارذلون ، وقد سلب ملكهم قوم لا خلاق لهم وهم أصحاب أبي عبد الله وأنصار دولة الحق.
وقوله : يتيم كان خلف الباب ، يعني المهدي ، وكذلك كان. مات أبوه وهو صغير وكذلك كان رسول الله صلىاللهعليهوآله . وهذا مما قدمنا ذكره أن قائله قالوا منه ما انتهى إليهم عن أنبياء الله تعالى ، ومن أخبار ما يكون.
ومن ذلك قول الحربي ، وكان شيخا من قرية من قرى تونس ، يقال لها : أعرابي ، قد خرف ، وكان عنده أخبار ما يكون ، فانتهى خبره الى إبراهيم بن أحمد الأغلبي (١) ، وكان قد بحث عن هذه الاخبار ، فطلبها ، ولحق أيام أبي
__________________
(١) وهو ابن الاغلب ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب من امراء الأغالبة ، المولود ٢٣٧ ه تولى الحكم في افريقية سنة ٢٦١ ه وانتقل إلى تونس سنه ٢٨١ فسكنها واتخذ بها القصور ، وغزا الإفرنج ، فافتتح كثيرا من حصونهم وقلاعهم. وأخيرا اصيب بالماليخوليا فقتل كثيرا من أصحابه وكتابه وحجابه ونسائه ، وقتل اثنين من أبنائه وثمانية إخوة له وبناته. عزله المعتضد العباسي سنة ٢٨٩ ه ومات في نفس السنة في صقلية ودفن بها وقيل حمل الى القيروان ومدة ولايته ٢٨ سنة وستة اشهر ( ابن خلدون ٤ / ٢٠٣ ، البيان المغرب ١ / ١١٦ ، الاعلام ١ / ٢٢ ).