نجد به أحدا ، وخرجنا منه وصلّى الغلفاني ركعات عند الغار ، وصلّينا كذلك معه. ثم جلس يحدثنا فكان مما قال : إن الله تعالى سيعرّف (١) هذا الموضع بأحبّ خلق الله إليه.
وهذا مما بلغه على ما قدمنا ذكره وانما جاء مما ذكرناه مما انتهى إلينا من بشرى رسول الله صلىاللهعليهوآله بالمهدي وبالائمة من ولده ، وما يكون منه ومنهم في ذلك ، كما بشرت الأنبياء به صلىاللهعليهوآله من قبل مبعثه. وكذلك جاءت عنه الأخبار عمن كان آثر العلوم وقبل ذلك في الشعر كما جاء عن أميّة بن أبي الصلت ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمرو ، وأسعد بن أبي كرب ، وسيف بن ذى يزن ، والقس (٢) بن ساعدة ، وخالد بن سنان ، وغيرهم.
ومما كان في أمر المهدي والائمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين من البراهين والآيات المشاهدة لإمامتهم بعد الذي ذكرناه من خروج المهدي من وطنه الى المغرب في هجرته وما حرسه الله تعالى به وصرفه عنه كيد الظالمين بعد بذلهم المجهود في تطلبه ، وتعمّ الرسل من بين يديه ، بصفته وخبره الى جميع عمالهم ليقبضوا عليه ، وأعمى الله تعالى عيونهم عنه ، ووقاه ، وسلّمه الى أن حلّ مدينة سجلماسة ، وكلما حلّ ببلد أفضل على العامل عليه ، ووصله ، فأهدى إليه ، فمنهم من لم يعرفه واكرمه لذلك ، ومنهم من عرفه وترك التعرض له لما كان منه ومنهم من عرفه ذلك حذره. واخبارهم بذلك مما يطول ذكره ، وذلك كله لما ألقاه الله تعالى في قلوبهم له حتى إذا حلّ سجلماسة عامل ابن مدرار سلطانها بذلك ، فكان يخصه ويكرمه ويوجب حقه الى أن وصلت رسل صاحب بغداد وافريقيا إليه واتصلت الاخبار من جهات كثيرة به ، وبأنه هو الذي يدعو إليه أبو عبد الله ، وأمر بالقبض عليه ، وحذر من أن يفوته أو أن
__________________
(١) هكذا في الاصل.
(٢) هكذا صححناه وفي الاصل : القيس.