لزوم إحراز عنوان الصداقة في جواز الاذن والترخيص ، فالمشكوك محرّم الاذن وإن كان في الواقع صديقاً له. وقد طبقها قدسسره على المقام بأن الاستثناء عن ملزوم الحكم الإلزامي وهو النجاسة قد تعلق بأمر وجودي أعني اتصاله بالمادّة ، فهو بمنزلة اشتراط إحراز الاتصال في الحكم بعدم النجاسة والانفعال ، وحيث إن الاتصال غير محرز في المقام فهو محكوم بالنجاسة لا محالة وإن كان متصلاً بها واقعاً ، وإنّما نحكم بالطهارة في خصوص القليل الذي أحرزنا اتصاله بالمادّة.
هذا ولا يخفى أنّا ذكرنا في محلّه أن هذه القاعدة كالقاعدتين السابقتين لا أساس لها. نعم ، الأمر في خصوص ما مثّل به للمقام كما أفاده فإنّه لا يمكن فيه إجراء البراءة وهذا لا لما أسّسه قدسسره بل لأجل استصحاب عدم حدوث الصداقة بين زيد ومولاه ، لأن الصداقة حادثة قطعاً وليست من الأُمور الأزلية غير المسبوقة بالعدم ومعه لا يبقى للبراءة مجال لاشتراط جريانها بعدم أصل حاكم عليها في البين. وتفصيل الكلام في الجواب عمّا بنى عليه موكول إلى محلّه.
الرابع : استصحاب عدم اتصاف القليل بالاتصال بالمادّة باستصحاب العدم الأزلي ، وتوضيح ذلك : أن الصور المتصورة للمسألة أربع :
الاولى : أن نعلم أن القليل الذي نشك في اتصاله وعدمه مسبوق بالاتصال بالمادّة ونشك في بقاء اتصاله حين ملاقاته النجس كما يتفق ذلك غالباً في المياه الجارية والأنابيب المعمولة في زماننا هذا ، وفي هذه الصورة لا إشكال في جريان استصحاب اتصاله بالمادّة وعدم انقطاعها عنه.
الثانية : أن نعلم أنّه مسبوق بالانقطاع ، كما إذا القي مقدار من الماء لم يبلغ الكر على حفيرة وقد وقعت فيها نجاسة أيضاً ، فشككنا في أن الحفيرة بئر ولها مادّة لئلاّ ينفعل الماء الملقى عليها بوقوع النجاسة عليه أو أنّها صورة بئر لا مادّة لها فالماء غير متصل بها ومحكوم بالانفعال ، وفي هذه الصورة أيضاً لا إشكال في جريان استصحاب عدم الاتصال بالمادّة.
الثالثة : ما إذا لم تحرز حالته السابقة من الاتصال والانقطاع ، وهذه الصورة هي