ويترتّب على ما ذكرناه أن موضوع الحكم إذا كان مركباً من وجود العرض ومحلّه كما في المثال ، أو مركباً من عدم العرض ومحلّه كما فيما كان الاستثناء من العام عنواناً وجودياً ، ففي جميع ذلك لا مناص من أن يكون الدخيل في الموضوع الوجود أو العدم النعتيين ، دون الوجود أو العدم المحموليين.
الثالثة : أن العدم الأزلي وإن كان ثابتاً وحقاً فإن كل ممكن مسبوق بالعدم لا محالة فزيد لم يكن في وقت وعلمه وعدالته لم تكونا وهكذا ... إلاّ أن هذا العدم عدم محمولي لا نعتي ، فيصح أن يقال : علم زيد لم يكن ، ولا يصح أن نقول : زيد كان غير عالم ومتصفاً بعدم العلم فإنّه لم يكن موجوداً ليتصف بالوصف الوجودي أو العدمي ، فالعدم الأزلي محمولي دائماً ، ولا يصح فيه النعتي بوجه وذلك من جهة أن العدم النعتي كالوجود النعتي يحتاج إلى وجود الموضوع لا محالة.
ويترتّب على هذه المقدّمات : أن التخصيص بعنوان وجودي يقتضي تعنون العام بعنوان عدمي لا محالة بمقتضى المقدمة الأُولى ، وأن العدم المأخوذ في الموضوع عدم نعتي بمقتضى المقدمة الثانية ، وأن العدم النعتي كالوجود النعتي يحتاج إلى وجود الموضوع لا محالة ، والتقابل بينهما تقابل العدم والملكة ، وعلى ذلك فلا يمكن استصحاب العدم النعتي إذ المفروض عدم العلم به سابقاً بل هو مشكوك فيه من أوّل الأمر ، وأمّا العدم المحمولي فهو وإن كان متيقناً إلاّ أنّه لا يثبت العدم النعتي. فإشكال جريان الاستصحاب في الأعدام الأزلية هو الإثبات خاصة لا أن العدم قبل وجود موضوعه مغاير للعدم بعد وجود موضوعه ، فإنّ العدم عدم ، وبقاؤه غير مغاير لحدوثه بل بقاء له.
ولا يخفى أنّ المقدّمة الأُولى والثالثة من هذه المقدّمات ممّا لا ينبغي الشكّ في صحته ، وكذلك المقدمة الثانية فيما إذا كان المأخوذ في موضوع الحكم وجود العرض وذلك لا لما ذكره قدسسره فإنّه يندفع بأن التقييد بكل من الاعتبارين يغني عن التقييد بالاعتبار الآخر ، كما هو الحال في كل أمرين متلازمين ، فإن التقييد بأحدهما لا يبقي مجالاً للإطلاق بالإضافة إلى الثاني منهما. بل لأجل أن وجود العرض في نفسه