عين وجوده لموضوعه ، إذ ليس للعرض وجودان أحدهما لنفسه وثانيهما لموضوعه بل له وجود واحد وهو عين وجوده لموضوعه وكونه وصفاً ونعتاً لمعروضه ، فإذا كان المأخوذ وجود العرض في موضوع خاص ، كالكرية المأخوذة للماء في موضوع الاعتصام وعدم الانفعال بملاقاة النجس ، فلا محالة يكون الدخيل في الموضوع هو اتصاف الماء بالكرية على نحو مفاد كان الناقصة ، فإن وجود الكرية في الماء هو بعينه اتصاف الماء بالكرية ، لما عرفت من أن وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، وأمّا إذا كان الدخيل في الموضوع هو عدم العرض كما هو الحال فيما إذا كان الخارج من العموم عنواناً وجودياً فإن العام يتعنون حينئذٍ بوصف عدمي لا محالة فلا موجب للالتزام بكون الدخيل في الموضوع هو العدم النعتي.
وبيان ذلك : أن ما أفاده من أن تركب الموضوع من العرض ومحلّه يستلزم أخذ الاتصاف بالعرض في موضوع الحكم ، وإن كان متيناً لما قدّمناه من أن وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، إلاّ أنّه يختص بوجود العرض أعني العرض الوجودي ، وأمّا العدمي فلا يأتي فيه ما ذكرناه لأن العدم لا وجود له حتى يقال : إن وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه ، فإذا تركب الموضوع من عدم العرض ومحلّه فلا يستفاد منه في نفسه أن الاتصاف بالعدم مأخوذ في موضوع الحكم فإنّه أعم ويحتاج اعتبار الاتصاف به إلى مئونة زائدة ، فإن قامت قرينة على اعتباره فهو وإلاّ لما اعتبرنا في موضوع الحكم غير المحل وعدم العرض ولو على نحو العدم المحمولي فإذا ورد لا تكرم فساق العلماء وضممناه إلى العام ، فيستفاد منهما أن موضوع وجوب الإكرام هو العالم الذي لا يكون فاسقاً ، لا العالم المتصف بعدم الفسق لأنّه يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، وعليه فلا مانع من استصحاب عدم الاتصاف بالفسق الثابت قبل وجود زيد ، إذ لم يكن الاتصاف قبل وجوده والآن كما كان. نعم ، لا يثبت بذلك الاتصاف بعدم الفسق ، إلاّ أنا في غنى عنه فإنّه ليس بموضوع للأثر ، وإنّما الأثر مترتب على العالم الذي لا يكون متصفاً بالفسق على نحو العدم المحمولي ، والمفروض أن له حالة سابقة كما مرّ ، وكم فرّق بين الموجبة معدولة المحمول وبين السالبة المحصلة لأن الاتصاف معتبر في الأُولى دون الثانية.