وأن ما لا تغيّر فيه لا انفعال فيه قليلاً كان أم كثيراً.
وهذا الاستدلال من عجائب ما صدر عن الكاشاني ( طاب ثراه ) لأنّه من أحد المتضلعين في الأخبار وقد ادعى مع ذلك استفاضة الروايات المتقدمة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يرد شيء منها من طرقنا وإنما رواها العامة بطرقهم فلا رواية حتى تستفيض فهذه الدعوى سالبة بانتفاء موضوعها على أنّها لم تبلغ مرتبة الاستفاضة من طرق العامة أيضاً وإنما رووها بطريق الآحاد ومثل هذا لا يكاد يخفى على المحدّث المذكور فهو من غرائب الكلام.
ومنها : ما ورد من طرقنا بمضمون أن الماء لا ينجسه شيء إلاّ أن يتغيّر طعمه أو ريحه أو لونه حيث حصر علّة الانفعال بالتغيّر في أحد الأوصاف الثلاثة وهو كما في رواية القماط أنّه سمع أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « في الماء يمرّ به الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة فقال أبو عبد الله عليهالسلام إن كان الماء قد تغيّر ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضأ منه وإن لم يتغيّر ريحه وطعمه فاشرب وتوضّأ » (١) وصحيحة حريز بن عبد الله عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « كلّما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضّأ من الماء واشرب فإذا تغيّر الماء وتغيّر الطعم فلا تتوضّأ منه ولا تشرب » (٢) وصحيحة عبد الله بن سنان قال : « سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام وأنا حاضر عن غدير أتوه وفيه جيفة؟ فقال : إن كان الماء قاهراً ولا توجد منه الريح فتوضأ » (٣) إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالّة على انحصار المناط في الانفعال بالتغيّر قليلاً كان الماء أم كثيراً ، فالقلّة لا تكون علّة للانفعال بالملاقاة ما دام لم يتغيّر في أحد أوصافه.
ويدفعه عدم ورود شيء من هذه الأخبار في خصوص القليل حتى تعارض الأخبار المتقدمة الدالّة على انفعال القليل بالملاقاة ، فإنّ الموضوع فيها هو النقيع والغدير وأشباههما مما هو أعم من القليل والكثير ، بل ظاهر هذه العناوين هو
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٣٨ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٤.
(٢) الوسائل ١ : ١٣٧ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١.
(٣) الوسائل ١ : ١٤١ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ١١.