يكن فيه تغيّر أو ريح غالبة قلت فما التغيّر؟ قال : الصفرة ، فتوضأ منه وكلما غلب كثرة الماء [ عليه ] فهو طاهر (١).
وإذا قيدنا أدلّة اعتصام الكر وشبهه بما لا تغيّر فيه فتنقلب النسبة بين المطلقات وأخبار اعتصام الكر إلى العموم المطلق ، وتكون أخبار اعتصام الكر غير المتغيّر أخص مطلقاً من المطلقات لأنّها بإطلاقها دلت على عدم انفعال غير المتغيّر كراً كان أم قليلاً ، والروايات الواردة في الكر تدل على عدم انفعال خصوص الكر الذي لا تغيّر فيه ، وبما أنّها أخص مطلقاً من المطلقات فلا محالة نقيدها بالكر ، والنتيجة أن ما لا يكون كراً ينفعل بملاقاة النجاسة ، فالذي يوجب انفعال خصوص القليل دون الكثير هو ملاقاة النجس في غير صورة التغيّر.
وإلى هنا تلخص أن الروايات العامة لا تنفع المحدث المزبور في المقام.
وأمّا الأخبار الخاصة فمما يستدل به على مسلك المحدث الكاشاني قدسسره عدّة روايات.
منها : ما رواه محمد بن ميسر قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ، ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان قال : يضع يده ثم يتوضّأ ثم يغتسل ، هذا ممّا قال الله عزّ وجلّ :
__________________
فيه حمار أو بغل أو إنسان قال : لا توضأ منه ولا تشرب » الوسائل ١ : ١٣٩ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٥ ، لأنّها بعد ما قيدناها بالأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالّة على عدم نجاسة الكر بملاقاة النجس من غير تغيّر كالصريحة في إرادة تغيّر الكر ببول الإنسان فيه.
وأمّا نهيه عليهالسلام عن شربه أو التوضؤ منه إذا بال فيه بغل أو حمار فهو محمول على الكراهة أو التقيّة.
ويؤيدها ما ورد في غير واحد من الأخبار من النهي عن التوضؤ أو الشرب من الغدير والنقيع فيما إذا تغيّرا بوقوع الجيفة فيهما [ الوسائل ١ : ١٣٩ / أبواب الماء المطلق ب ٣ ح ٤ ، ٦ ، ١١ ، ١٣ ] إذ النقيع ، والغدير في الصحاري يشتملان عادة على أزيد من الكر بكثير ولا سيّما على المختار من تحديده بسبعة وعشرين شبراً ، فليلاحظ.
(١) الوسائل ١ : ١٦٢ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١١.