ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ » (١) وقد دلت على عدم انفعال القليل بملاقاة المتنجس أعني يدي الرجل القذرتين ولذا صح منه الوضوء والغسل وهي كما ترى واردة في خصوص القليل كما هو ظاهر.
وقد يناقش فيها كما في طهارة المحقق الهمداني قدسسره بأنّها وردت تقية لموافقتها لمذهب العامة ، حيث جمعت بين الوضوء وغسل الجنابة وهما مما لا يجتمعان في مذهب الشيعة (٢). ولا يخفى ضعف هذه المناقشة كما نبّه عليه هو قدسسره أيضاً إذ المراد بالوضوء في الرواية ليس هو الوضوء بالمعنى المصطلح عليه بل هو بمعناه اللغوي ، وهو المعبّر عنه في الفارسية بـ « شستشو كردن » فأين اجتماع الوضوء مع الغسل.
فالصحيح في الجواب أن يقال : إن القليل في الرواية ليس بمعناه المصطلح عليه عند الفقهاء فإنه اصطلاح منهم قدسسرهم ولم يثبت أن القليل كان بهذا المعنى في زمانهم عليهمالسلام بل هو بمعناه اللغوي الذي هو في مقابل الكثير ، ومن البيّن أن القليل يصدق حقيقة على الكر والكرين بل وعلى أزيد من ذلك في الصحاري بالإضافة إلى ما في البحار والبركان ، وعليه فالرواية غير واردة في خصوص القليل. نعم ، أن إطلاقها يشمل ما دون الكر أيضاً ، ولكنك عرفت أن الأخبار الواردة في انفعال القليل بالملاقاة البالغة حد التواتر تقتضي تقييد المطلقات وتخصيصها بغير ذلك لا محالة ، ولعلّ السؤال في الرواية من أجل أن جماعة من العامة ذهبوا إلى نجاسة الغسالة في الجنابة ولو مع طهارة البدن (٣) بل ذهب أبو حنيفة وغيره إلى نجاسة غسالة
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٢ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ٥.
(٢) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ١٥ السطر ٢٨.
(٣) وفي عمدة القارئ شرح البخاري ، للعيني الحنفي ج ٣ ص ٧٢ « باب استعمال فضل وضوء الناس » اختلف الفقهاء فيه : فعن أبي حنيفة ثلاث روايات ( الاولى ) : ما رواه عنه أبو يوسف انّه نجس مخفف ( الثانية ) رواية الحسن بن زياد عنه انه نجس مغلظ ( الثالثة ) : رواية محمد بن الحسن عنه انه طاهر غير طهور ، وهو اختيار المحققين من مشايخ ما وراء النهر