وأجابه عليهالسلام بعدم البأس به.
وثالثاً : أن دلالة الرواية على اعتصام القليل لو تمت فإنّما هي بالإطلاق ، ولا مانع من تقييده بما دلّ على انفعال القليل بالملاقاة ، ولا بعد في بلوغ ما في بعض الدلاء المستعمل في سقي المزارع كراً ، ولا سيما إذا بنينا على أن مكعّبه ما يكون سبعة وعشرين شبراً.
ورابعاً : لو أغمضنا عن جميع ذلك ، وفرضنا الصحيحة صريحة في ملاقاة شعر الخنزير لماء الدلو مع فرض قلته ، فأيضاً لا دلالة لها على عدم انفعال القليل بملاقاة النجس ، وذلك لجواز أن تكون الصحيحة ناظرة إلى عدم نجاسة شعر الخنزير ، كما ذهب إليه السيد المرتضى قدسسره (١) وغيره واستدلّ عليه بهذه الصحيحة ، وعليه فيتعيّن حملها على التقية لذهاب جماعة من العامة إلى عدم نجاسة شعر الخنزير والكلب (٢). وكيف كان فلا يمكن الاستدلال بها على تساوي الماء القليل والكثير في الاعتصام ، وقد قدّمنا أن ما في صحيحة صفوان الجمّال (٣) من سؤاله عليهالسلام عن مقدار الماء وحكمه بعدم الانفعال على تقدير بلوغ الماء نصف الساق أوضح شاهد على الفرق بين الماء القليل والكثير.
ومنها : رواية أبي مريم الأنصاري قال : « كنت مع أبي عبد الله عليهالسلام في حائط له فحضرت الصلاة فنزح دلواً للوضوء من ركيّ له فخرج عليه قطعة عذرة يابسة ، فأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي » (٤) حيث دلت على عدم انفعال القليل بملاقاة
__________________
(١) الناصريات : ١٨٢ السطر ١٦.
(٢) ففي الفقه على المذاهب الأربعة المجلد ١ ص ٨ أن المالكية قالوا بطهارة جميع الأشياء المذكورة « الشعر والوبر والصوف والريش » من أي حيوان سواء أكان حيّاً أم ميّتاً مأكولاً أم غير مأكول ولو كلباً أو خنزيراً وسواء أكانت متصلة أم منفصلة ... وفي ص ١١ أن المالكية ذهبوا إلى طهارة كل حي ولو كان كلباً أو خنزيراً ووافقهم الحنفية على طهارة عين الكلب ما دام حيّاً على الراجح إلاّ أن الحنفية قالوا بنجاسة لعابه تبعاً لنجاسة لحمه بعد موته.
(٣) الوسائل ١ : ١٦٢ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ١٢.
(٤) الوسائل ١ : ١٥٤ / أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١٢.