ومنها : أي من جملة ما استدلّ به الكاشاني ( طاب ثراه ) أن دلالة الأخبار على انفعال الماء القليل بالمفهوم ، ودلالة الأخبار الخاصة أو العامة على عدم انفعاله بالمنطوق ، والدلالة المنطوقية تتقدّم على الدلالة المفهومية كما أن النص يتقدم على الظاهر كذا أفاده قدسسره.
ولا يخفى عدم تمامية شيء من الصغرى والكبرى في كلامه.
أمّا عدم تمامية الصغرى فلأجل أن الدليل على انفعال الماء القليل غير منحصر في مفهوم قوله عليهالسلام الماء إذا بلغ ... فإن هناك روايات خاصة قد دلت على انفعال القليل بمنطوقها.
وأمّا منع الكبرى : فلما بيّنا في محلّه من أن كون الدلالة بالمنطوق لا يكون مرجّحا لأحد المتعارضين على الآخر ، بل قد تتقدم الدلالة المفهومية على المنطوق كما إذا كان المفهوم أخص مطلقاً من المنطوق وبذلك نقدّم الأخبار الدالة على انفعال القليل وإن كانت الدلالة بالمفهوم على ما دلّ على عدم انفعاله بالمنطوق من العموم أو الإطلاق لأن الأولى أخص مطلقاً من الثانية. على أن المعارضة للدلالة المفهومية ترجع إلى معارضة الدلالة المنطوقية لاستحالة التصرف في المفهوم بما هو ، فإنّه معلول وملازم للخصوصية المذكورة في المنطوق ، وعليه فالمعارضة بين المنطوقين دائماً كما ذكرناه وتفصيل ذلك موكول إلى علم الأُصول.
ومنها : أن اختلاف الروايات الواردة في تحديد الكر يكشف كشفاً قطعياً عن عدم اهتمام الشارع بالكر ، حيث حدّ في بعضها بسبعة وعشرين شبراً وفي بعضها الآخر بستة وثلاثين وفي ثالث باثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان شبر ، وعليه فلا مناص من حملها على بيان استحباب التنزه عمّا لم يبلغ حدّ كر لما بينها من الاختلاف الكثير.
ويدفعه : أن اختلاف الأخبار الواردة في التحديد لا يكشف عن عدم اهتمام الشارع بوجه ، بل المتعيّن حينئذ أن يؤخذ بالمقدار المتيقن ويحمل الزائد المشكوك فيه على الاستحباب.