صحّة إطلاقه على عالم هاشمي ورع لتنجس بدنه. وكيف كان فإن إطلاق الرجس على المتنجس من الأغلاط ، وعليه فالرواية مختصة بالأعيان النجسة ولا تعم المتنجسات.
على أن الرواية غير مشتملة على التعليل حتى يتعدى منها إلى غيرها بل هي مختصة بالكلب ولا تعم سائر الأعيان النجسة فما ظنك بالمتنجسات ومن هنا عقّبه عليهالسلام بقوله « اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء » فإنّه يختص بالكلب وهو ظاهر. ولازم التعدي عن مورد الصحيحة إلى غيره هو الحكم بوجوب التعفير في ملاقي سائر الأعيان النجسة أيضاً وهو ضروري الفساد ، ومع عدم إمكان التعدي عن موردها إلى سائر الأعيان النجسة كيف يتعدى إلى المتنجسات. وعلى الجملة لو كنّا نحن وهذه الصحيحة لما قلنا بانفعال القليل بملاقاة غير الكلب من أعيان النجاسات فضلاً عن انفعاله بملاقاة المتنجسات.
وأمّا في الرواية الثانية : فلأنها ضعيفة سنداً بمعاوية بن شريح بل يمكن المناقشة في دلالتها أيضاً ، وذلك لأن النجس وإن صحّ إطلاقه على المتنجس على ما أسلفناه آنفاً إلاّ أنّه عليهالسلام ليس في الرواية بصدد بيان أن النجس منجّس وإنما كان بصدد دفع ما توهّمه السائل حيث توهّم أن الكلب من السباع ، وقد دفعه عليهالسلام بأن الكلب ليس من تلك السباع التي حكم بطهارة سؤرها.
الأمر الثاني : صحيحة زرارة التي رواها علي بن إبراهيم بطريقه الصحيح وقد حكى فيها الإمام عليهالسلام عن وضوء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعا بوعاء فيه ماء فأدخل يده فيه بعد أن شمّر ساعده ، وقال : هكذا إذا كانت الكف طاهرة ... (١) فإنّها دلت بمفهومها على أن الكف إذا لم تكن طاهرة فلا يسوغ إدخالها الماء ولا يصح منه الوضوء ، ولا وجه له إلاّ انفعال القليل بالكف المتنجسة ، وبإطلاقها تعم ما إذا كانت نجسة بعين النجاسة وما إذا كانت نجسة بالمتنجس الذي نعبّر عنه بالمتنجس مع الواسطة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٨٧ / أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.