وهذه الرواية أحسن ما يستدل به في المقام لصحّة سندها وتمامية دلالتها على عدم الفرق بين المتنجس بلا واسطة والمتنجس مع الواسطة. ولكن الصحيح أن الرواية مجملة لا يعتمد عليها في إثبات المدعى وذلك لاحتمال أن يكون الوجه في اشتراطه عليهالسلام طهارة الكف في إدخالها الإناء عدم صحّة الوضوء بالماء المستعمل في رفع الخبث حتى على القول بطهارته ذلك لأنّ العامّة ذهبوا إلى نجاسة الماء المستعمل في رفع الخبث حتى على القول بطهارته ذلك لأنّ العامّة ذهبوا إلى نجاسة الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر ، بل والمستعمل في رفع الحدث الأصغر أيضاً عند أبي حنيفة ، وقد ذهب إلى أن نجاسته مغلّظة (١) وأمّا عند الإمامية فالماء القليل المستعمل في رفع الحديث مطلقاً محكوم بالطهارة سواء استعمل في الأكبر منه أم في الأصغر. نعم ، في جواز رفع الحدث الأكبر ثانياً بالماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر خلاف عندهم فذهب بعضهم إلى جوازه ، ومنعه آخرون ، ويأتي ما هو الصحيح في محلّه إن شاء الله تعالى. وأمّا الماء المستعمل في رفع الحدث الأصغر وهو الماء المستعمل في الوضوء فلم يقع خلاف بين الأصحاب في طهارته ، وفي جواز استعماله في الوضوء ثانياً وثالثاً وهكذا ، هذا كلّه في المستعمل في رفع الحدث.
وأمّا الماء القليل المستعمل في رفع الأخباث أعني به الغسالة فقد وقع الخلاف في طهارته ونجاسته بين الأعلام ، إلاّ أنه لا يجوز استعماله في رفع شيء من حدثي الأكبر والأصغر حتى على القول بطهارته ، وقد تعرّض له الماتن عند تعرّضه لما يعتبر في الماء المستعمل في الوضوء. والماء الموجود في الإناء في مورد الرواية ماء مستعمل في رفع الخبث على تقدير نجاسة الكف فإنّه بمجرد إدخالها الإناء يصير الماء مستعملاً في الخبث. فإن صدق هذا العنوان واقعاً غير مشروط بقصد الاستعمال لكفاية مجرد وضع المتنجس في الماء في صدق المستعمل عليه كما هو ظاهر ، وبهذا تصبح الرواية مجملة لعدم العلم بوجه اشتراطه عليهالسلام الطهارة في الكف ، وأنه مستند إلى أن المتنجس ولو مع الواسطة ينجّس القليل ، أو أنه مستند إلى عدم كفاية المستعمل في
__________________
(١) قد قدّمنا نقل أقوالهم في الماء المستعمل في الغسل والوضوء سابقاً ونقلنا ذهاب أبي حنيفة إلى النجاسة المغلظة عن ابن حزم في المجلد ١ من المحلى وإن لم يتعرض له في الفقه على المذاهب الأربعة فراجع ص ١٢٦.