أمّا ما حكي عن ابن الجنيد فهو مما لا ينبغي أن يصغي إليه إذ لم نجد ما يمكن أن يستند إليه في ذلك ولو رواية ضعيفة ، وكم له قدسسره من الفتيا الشبيهة بآراء العامة ، ولعلّ الروايات الواردة من طرقنا لم تصل إليه.
كما أن ما نسب إلى الراوندي قول ضعيف مطرود لا قائل به سواه بل هو غلط قطعاً ، لأن بلوغ مجموع الأبعاد إلى عشرة ونصف قد ينطبق على مسلك المشهور كما إذا كان كل واحد من الأبعاد الثلاثة ثلاثة أشبار ونصف ، فإن مجموعها عشرة ونصف ومكسّرها ثلاثة وأربعون شبراً إلاّ ثمن شبر ، وهو في هذه الصورة كلام صحيح ، وقد لا ينطبق عليه ولا على غيره من الأقوال كما إذا فرضنا طول الماء تسعة أشبار وعرضه شبراً واحداً وعمقه نصف شبر ، فإن مجموعها عشرة أشبار ونصف ، إلاّ أنّه بمقدار تسع ما هو المعتبر عند المشهور تقريباً لأن مكسّرة حينئذٍ أربعة أشبار ونصف بل لو فرضنا طول الماء عشرة أشبار ، وكلاً من عرضه وعمقه ربع شبر لبلغ مجموعها عشرة أشبار ونصف ، ومكسّره نصف شبر وثمن شبر ، إلاّ أن هذه المقادير مما لم يقل أحد باعتصامه ، فما ذهب إليه الراوندي غلط جزماً. فيبقى من الأقوال ما ذهب إليه القميون وقول المشهور وما ذهب إليه المحقق وصاحب المدارك قدسسرهم.
__________________
القطر فيها ثلاثة ونصف فيكون المحيط أحد عشر شبراً فإن نسبة القطر إلى المحيط نسبة السبعة إلى اثنين وعشرين ، فنصف القطر شبر وثلاثة أرباعه ، ونصف المحيط خمسة أشبار ونصف فإذا ضربنا أحدهما في الآخر كان الحاصل تسعة أشبار ونصف ثمن ، وإذا ضربنا ذلك الحاصل في ثلاثة ونصف صار المتحصل ثلاثة وثلاثين شبراً وخمسة أثمان ونصف ثمن تحقيقاً.
إلاّ أن المصرح به في حواشي المدارك للوحيد البهبهاني قدسسره أنه لا قائل بهذا الوجه بخصوصه فهذا يدلنا على أنّه احتمال احتمله المجلسي والوحيد قدسسرهما في الرواية فلا ينبغي عدّه من الأقوال ، مع أن الرواية ضعيفة لأن الرجل زيدي بتري لم يوثق في الرجال بل عن التهذيب أنه متروك العمل بما يختص بروايته. إذن يشكل الاعتماد على روايته مضافاً إلى ما أورده الشيخ في استبصاره على دلالتها من المناقشة باحتمال أن يكون المراد بالركي فيها هو المصنع الذي كان يعمل في الطرق والشوارع لأن يجتمع فيها ماء المطر وينتفع بها المارّة ولم يعلم أن المصانع مدورة لأن من الجائز أن يكون بعضها أو الكثير منها مربعاً ولا سيّما في المصانع البنائية التي يعمل على شكل الحياض المتعارفة في البيوت.