المطلعين من الهندسة بشيء إلاّ بهذا الوجه المسامحي التقريبي. وهذه الزيادة نظير الزيادة والنقيصة الحاصلتين من اختلاف أشبار الأشخاص ، فإنّها لا تتفق غالباً ولكنها لا بدّ من التسامح فيها ، ولعلّنا نتعرض إلى ذلك عند بيان اختلاف أوزان المياه خفة وثقلاً إن شاء الله.
ثم لو أبيت عن صراحة الصحيحة في تحديد الكر بسبعة وعشرين شبراً فصحيحة إسماعيل بن جابر الثانية صريحة الدلالة على المدعى وهو ما رواه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن الماء الذي لا ينجسه شيء؟ فقال كرّ قلت : وما الكر؟ قال : ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار » (١). والوجه في صراحتها أنها وإن لم تشتمل على ذكر شيء من الطول والعرض والعمق إلاّ أن السائل كغيره يعلم أن الماء من الأجسام وكلّ جسم مكعب يشتمل على أبعاد ثلاثة لا محالة ولا معنى لكونه ذا بعدين من غير أن يشتمل على البعد الثالث ، فإذا قيل ثلاثة في ثلاثة مع عدم ذكر البعد الثالث علم أنه أيضاً ثلاثة كما يظهر هذا بمراجعة أمثال هذه الاستعمالات عند العرف. فإنّهم يكتفون بذكر مقدار بعدين من أبعاد الجسم إذا كانت أبعاده الثلاثة متساوية فتراهم يقولون خمسة في خمسة أو أربعة في أربعة إذا كان ثالثها أيضاً بهذا المقدار. وعليه إذا ضربنا الثلاثة في الثلاثة فتبلغ تسعة ، فإذا ضربناها في ثلاثة فتبلغ سبعة وعشرين شبراً.
ويؤيد ما ذكرناه أنّا وزنّا الكر ثلاث مرات ووجدناه موافقاً لسبعة وعشرين فالوزن مطابق للمساحة التي اخترناها ، هذا كلّه في الاستدلال على القول المختار ويقع الكلام بعد ذلك في معارضاته وما أُورد عليه من المناقشات.
فربما يناقش في سند الصحيحة الأخيرة بأنها قد نقلت في موضع من التهذيب عن عبد الله بن سنان (٢) ، وكذا في الاستبصار على ما حكي عنه (٣) وفي موضع آخر من
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٥٩ / أبواب الماء المطلق ب ٩ ح ٧.
(٢) التهذيب ١ : ١٤١ / ١١٥.
(٣) الاستبصار ١ : ١٠ / ١٣.