عليه أوّلاً ، لأن لطبيعي المياه وزناً واحداً وإنما يختلف باختلاف المواد الممتزجة معه.
وما يقال من أن بعض المياه أخف وزناً في طبعه عن بعضها الآخر ، مجرد دعوى لا مثبت لها.
فإذا تمهد هذان الأمران فلا محالة ترتقي الوجوه إلى الأربعة كما قدّمناه ، فإن الوزن والمساحة إما أن يتطابقا تطابقاً حقيقياً بأن يساوي ما يبلغ سبعة وعشرين شبراً بأشبار شخص مستوي الخلقة ألفاً ومائتي رطل عراقي بلا زيادة ونقصان ، وإما أن يزيد الوزن على المساحة ، وإما أن ينعكس وتزيد المساحة على الوزن ، وإما أن يختلفا فيزيد الوزن على المساحة في بعض الموارد وتزيد المساحة على الوزن في بعض الموارد الأُخر لاختلاف المياه خفة وثقلاً ، فرب ماء صاف خفيف فتزيد المساحة عليه ورب ماء ثقيل يزيد على المساحة بكثير.
أمّا الصورة الاولى : فلا ينبغي الإشكال فيها إذ لا مانع من تحديد شيء واحد بأمرين متحدين لتلازمهما واتحادهما بلا زيادة لأحدهما على الآخر ولا نقصان وهو ظاهر.
وأمّا الصورة الثانية : فلا محيص فيها من جعل المناط بالمساحة فالوزن يكون معرّفاً لها وطريقاً إليها ، ولا بأس بالمقدار الزائد إذا لم يكن بكثير لأن جعل معرِّف يطابق المعرَّف تطابقاً تحقيقياً غير ممكن فلا بدّ من جعل المعرِّف أمراً يزيد على المعرَّف بشيء من باب الاحتياط.
وأمّا الصورة الثالثة : فهي مع الصورة المتقدمة متعاكستان فلا بدّ فيها من جعل المدار على الوزن وبما أن الوزن لا طريق إلى معرفته غالباً ولا سيما في البراري والصحار جعلت المساحة طريقاً ومعرّفاً إليه ، وذلك لأن المساحة وإن كانت لا تتيسّر معرفتها للجميع على وجه دقيق ، لاستلزامه معرفة شيء من الهندسة ولا سيما في المسدّس والمخمّس والإهليلجي والمخروط أو مختلفة الأضلاع وبالأخص فيما إذا كان السطح الذي وقف عليه الماء مختلفاً في الشكل ، فإن معرفة المساحة في أمثال ذلك مما لا يتيسّر لأكثر أهل العلم إلاّ بمراجعة قواعد الهندسة والمحاسبة الدقيقة فضلاً عن العوام ، إلاّ أنه مع ذلك معرفة المساحة أيسر من معرفة الوزن ، ولا سيما في المربّعات