يجري ولا يقف عليه. فهذه الصحيحة من جملة أدلّة القول المختار من أن التغيّر بالمتنجس الحامل لأوصاف النجس كالسطح في الرواية يوجب الانفعال ، ولم ترد الصحيحة لبيان كبرى كلية حتى يقال إن المورد لا يكون مخصصاً ، وإنما وردت في خصوص الكنيف فلا يستفاد منها اعتبار الجريان الفعلي في المطر بوجه.
بل المدار في الصحيحة على صدق عنوانه عرفاً. بأن لا يكون قطرة أو قطرتين ونحوهما ، فاذا صدق عليه عنوان المطر فمجرد إصابته يكفي في الحكم بطهارة المتنجس إن لم يكن حاملاً لعين النجاسة ، وأمّا مع وجود العين فيه فيشترط في اعتصام المطر ومطهريته لمثله أن يكون قاهراً على النجس لئلاّ يتغيّر به كما دلت عليه صحيحة هشام ، حيث ورد فيها « لأن الماء أكثر » وأمّا غير الصحيحة المتقدمة من الأخبار المشتملة على لفظة الجريان فدلالتها على اعتبار الجريان أضعف ، مضافاً إلى ما في سند بعضها من الضعف.
منها : ما رواه الحميري عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر « ... وسألته عن الكنيف يكون فوق البيت ، فيصيبه المطر فيكف فيصيب الثياب أيصلى فيها قبل أن تغسل؟ قال : إذا جرى من ماء المطر فلا بأس » (١) وهي كما أشرنا إليه ضعيفة سنداً ودلالة. أمّا سنداً فلأجل عدم توثيق عبد الله بن الحسن في الرجال. وأمّا دلالة فلأن السائل قد فرض أن في الكنيف مائعاً يجري عليه ، فأجابه عليهالسلام بأن ما فرض جريانه إن كان من ماء المطر فهو محكوم بالطهارة وإن كان من البول فلا ، فالجريان مفروض في مورد السؤال والحكم بالطهارة معلق على كونه من ماء المطر لا من غيره ، فلا دلالة في الرواية على اعتبار الجريان في الحكم باعتصام المطر.
ومنها : صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن المطر يجري في المكان فيه العذرة فيصيب الثوب أيصلّى فيه قبل أن يغسل؟ قال : إذا جرى به المطر فلا بأس » (٢) والوجه في ضعف دلالتها أن الراوي فرض وجود العذرة في المكان ، ومن الظاهر أن الماء الذي يرد على العذرة يتغيّر بها في أقل
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٤٥ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٣.
(٢) الوسائل ١ : ١٤٨ / أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٩.