الشهادة من الرجال في ثبوت الهلال وأسقط شهادة النساء في ذلك.
وللمناقشة في هذه الأولوية مجال واسع ، لأن الخصومة والمرافعة لا بدّ من حلّها وفصلها بشيء ، حيث إن في بقائها بحالها ينجر الأمر إلى اختلال النظام ، فما به ترتفع المخاصمات لا يلزم أن يكون حجة على الإطلاق حتى في غير موارد المرافعة ، ومن هنا ترى أن الأيمان مما تفصل به الخصومات شرعاً مع أنها لا تعتبر في غير موارد المرافعة ، وعلى الجملة لا تقاس الخصومة بغيرها فالأولوية لا أساس لها.
الوجه الثالث : رواية مسعدة بن صدقة : « كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، أو المملوك عندك ولعلّه حر قد باع نفسه أو خدع فبيع قهراً ، أو امرأة تحتك وهي أُختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك ، أو تقوم به البيِّنة » (١).
فإنّها اشتملت على أُمور ثلاثة ، ودلت على أن اليد في الثوب وأصالة عدم تحقق النسب أو الرضاع في المرأة ، والإقرار على العبودية في العبد حجة معتبرة لا بدّ من العمل على طبقها إلاّ أن يعلم أو تقوم البيِّنة على خلافها ، فمنها يستفاد أن البيِّنة حجة شرعاً ومعتبرة في إثبات الموضوعات المذكورة في الحديث من الملكية والأُختية والحرية ، فيترتب عليها أحكامها وحيث إن كلمة « الأشياء » جمع محلّى باللاّم وهو من ألفاظ العموم ولا سيما مع تأكيده بكلمة « كلّها » فنتعدى عنها إلى سائر الموضوعات التي لها أحكام ومنها النجاسة ، لأنها يترتب عليها جملة من الأحكام كحرمة الشرب والأكل وعدم جواز الوضوء والغسل به ، وإذا قامت البيِّنة على نجاسة شيء فلا مانع من أن نرتب عليها أحكامها.
ودعوى : أن الرواية إنما دلت على اعتبار البيِّنة في الأحكام فلا يثبت بها اعتبارها في غيرها.
مدفوعة : بأن موردها خصوص الموضوعات التي لها أحكام حيث وردت في ثوب
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ / أبواب ما يكتسب به ب ٤ ح ٤.