يشك في كونه ملكاً للبائع أو مغصوباً ، وفي عبد لا يدرى أنه حر أورق وفي امرأة يشك في أنها أجنبية أو من المحارم ، وكل ذلك من الموضوعات التي يترتّب عليها أحكام وعلى الجملة أن الرواية تقتضي حجية البيِّنة في الموضوعات.
ويؤيدها رواية عبد الله بن سليمان الواردة في الجبن : « كل شيء لك حلال حتى يجيئك شاهدان يشهدان عندك أن فيه ميتة » (١) وموردها الجبن الذي يشك في حرمة أكله ، إلاّ أنها ضعيفة السند ومن هنا جعلناها مؤيدة للمدعى.
ولا يخفى عليك ضعف هذا الاستدلال وذلك : لأن الرواية وإن عبّر عنها في كلام شيخنا الأنصاري قدسسره بالموثقة (٢) إلاّ أنّا راجعنا إلى حالها فوجدناها ضعيفة (٣) حيث لم يوثق مسعدة في الرجال ، بل قد ضعفه المجلسي (٤) والعلاّمة (٥) وغيرهما. نعم ، ذكروا في مدحه أن رواياته غير مضطربة المتن ، وأن مضامينها موجودة في سائر الموثقات. ولكن شيئاً من ذلك لا يدل على وثاقة الرجل ، فهو ضعيف على كل حال ولا يعتمد على مثلها في استنباط الحكم الشرعي ، وعليه فلا دليل على اعتبار البيِّنة في الموضوعات.
والذي يمكن أن يقال : إن لفظة « البيِّنة » لم تثبت لها حقيقة شرعية ولا متشرعية وإنما استعملت في الكتاب والأخبار بمعناها اللغوي وهو ما به البيان وما به يثبت الشيء ، ومنه قوله تعالى ( بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ ) (٦) ، وقوله ( حَتّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) (٧)
__________________
(١) الوسائل ٢٥ : ١١٨ / أبواب الأطعمة المباحة ب ٦١ ح ٢.
(٢) فرائد الأُصول ٢ : ٧٣٤.
(٣) الأمر وإن كان كما قررناه إلاّ أن الرجل ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات وقد بنى أخيراً سيِّدنا الأُستاذ دام ظلّه على وثاقة الرواة الواقعين في أسانيد الكتاب المذكور ومن هنا عدل عن تضعيف الرجل وبنى على وثاقته. إذن فالرواية موثقة.
(٤) رجال المجلسي ( الوجيزة ) : ٣٢٠.
(٥) الخلاصة : ٢٦٠.
(٦) فاطر ٣٥ : ٢٥.
(٧) البيِّنة ٩٨ : ١.