وبعبارة أُخرى أحد طرفي العلم مركب من أمرين يكون الشك في أحدهما مسبباً عن الشك في الآخر ، والأصل الجاري فيه متأخر عن الأصل الجاري في الآخر. وأمّا بالإضافة إلى الأصل الجاري في الطرف الآخر للعلم الإجمالي فلا تأخر ولا تقدم في البين ، وعليه فمقتضى العلم الإجمالي وجوب الاجتناب عن الجميع.
ودعوى : أن الأصل الجاري في الملاقي كما أنه متأخر عن الأصل في الملاقي كذلك متأخر عن الأصل في الطرف الآخر ، وذلك لتساوي الملاقي مع الطرف الآخر رتبة والمتأخر عن أحد المتساويين متأخر عن الآخر أيضاً.
تندفع : بأنها دعوى جزافية. إذ لا بدّ في التقدم والتأخر من ملاك يوجبه كأن يكون أحدهما علة والآخر معلولاً له وهذا إنما هو بين الملاقي والملاقى لا بين الملاقي والطرف الآخر ، حيث لا علّية ولا معلولية بينهما. بل الوجه في عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي حينئذٍ إنما هو تقدم المنكشف بالعلم الإجمالي على الملاقاة والعلم بها ، وإن كان الكاشف وهو العلم متأخراً عنهما ، فان الاعتبار بالمنكشف لا بالكاشف لوجوب ترتيب آثار المنكشف وهو نجاسة أحد الإناءين من زمان حدوثه فيجب في المثال ترتيب آثار النجاسة المعلومة بالإجمال من يوم الأربعاء لا من زمان الكاشف كما لا يخفى ، وعلى هذا فقد تنجزت النجاسة بين الإناءين والشك في طهارة كل منهما يوم الأربعاء قد سقط الأصل الجاري فيه بالمعارضة في الآخر ، وبقي الشك في حدوث نجاسة أُخرى في الملاقي ، والأصل عدم حدوثها ، ولا معارض لهذا الأصل لما عرفت من أن العلم الإجمالي الثاني المتولد من الملاقاة بنجاسة الملاقي أو الطرف الآخر مما لا أثر له.
نعم ، التفصيل الذي قدمناه هناك بين ما إذا اختص أحد الأطراف بأصل غير معارض وما إذا لم يختص به ، يأتي في هذه الصورة أيضاً حرفاً بحرف.
وأمّا الشق الثاني : فالحق فيه هو ما ذهب إليه صاحب الكفاية قدسسره من وجوب الاجتناب عن الملاقي أيضاً ، وذلك لاتحاد زمان حدوث النجاسة بين الإناءين والملاقاة ، فاذا علمنا بطرو نجاسة يوم الخميس إما على الملاقي والملاقى وإما على الطرف الآخر فهو علم إجمالي أحد طرفيه مركب من أمرين ، وطرفه الآخر متحد