تقييد الحائض بما إذا كانت مأمونة ومقابلها ما إذا لم تكن بمأمونة ، لا ما إذا كانت متهمة ، فإنّها أخص من الأُولى ، فإذا وردتك امرأة ضيفاً وأنت لا تعرفها فهي غير مأمونة عندك لجهلك بحالها ولكنها ليست بمتهمة.
فالصحيح أن الكراهة إنما تختص بالتوضؤ بسؤرها إذا لم تكن بمأمونة ، وذلك لأن الأخبار الواردة في المقام على طوائف :
منها : ما دلّ على كراهة التوضؤ من سؤر الحائض مطلقاً كرواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته هل يتوضأ من فضل وضوء الحائض قال : لا » (١).
ومنها : ما دلّ على كراهته إذا لم تكن بمأمونة كما في موثقة علي بن يقطين المتقدمة وبها نقيد إطلاق الطائفة الأُولى فتختص الكراهة بما إذا كانت الحائض غير مأمونة.
وهناك طائفة أُخرى وهي صحيحة العيص بن القاسم قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن سؤر الحائض ، فقال : لا توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ... » (٢) ، والمستفاد منها أن التوضؤ من سؤر الحائض مكروه مطلقاً ولو كانت مأمونة ، وذلك لأن التفصيل قاطع للشركة وقد فصلت الرواية بين الحائض والجنب ، وقيّدت جواز التوضؤ من سؤر الجنب بما إذا كانت مأمونة ولم تقيد الحائض بذلك ، فدلالة هذه الرواية على الكراهة مطلقاً أقوى من دلالة سائر المطلقات.
إلاّ أن الشيخ قدسسره نقل الرواية في كتابيه الاستبصار (٣) والتهذيب (٤) بإسقاط كلمة « لا » الواقعة في صدر الحديث ، وعليه فتدل الرواية على تقييد جواز الوضوء من سؤر كل من الحائض والجنب بما إذا كانت مأمونة ، ومعه إن قلنا بسقوط
__________________
كانت مأمونة فلا بأس » المروية في الوسائل ١ : ٢٣٧ / أبواب الأسآر ب ٨ ح ٥. ثم إنّ الرواية وإن كانت موثقة من ابن فضال إلى آخر السند كما وصفناها إلاّ أن طريق الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضال ضعيف بعلي بن محمد بن الزبير ، فليلاحظ.
(١) الوسائل ١ : ٢٣٧ / أبواب الأسآر ب ٨ ح ٧.
(٢) الوسائل ١ : ٢٣٤ / أبواب الأسآر ب ٧ ح ١.
(٣) الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١.
(٤) التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣.