تساقطهما في مادّة الاجتماع بالمعارضة يرجع إلى قاعدة الطهارة ، هذا كلّه على تقدير معارضة الحسنة والموثقة.
والذي يسهّل الخطب ويقتضي الحكم بطهارة بول الطيور أنه لا تعارض بين الطائفتين ، وذلك لأمرين :
أحدهما : أن الموثقة وإن كانت معارضة للحسنة بالعموم من وجه إلاّ أنها تتقدم على الحسنة ، لأنه لا محذور في تقديمها عليها ولكن في تقديم الحسنة على الموثقة محذور. بيان ذلك : أن تقديم الحسنة على الموثقة يوجب تخصيصها بما يؤكل لحمه من الطيور ، وبها يحكم بطهارة بوله مع أن الطيور المحللة لم يرَ لها بول حتى يحكم بطهارته أو إذا كان طير محلل الأكل وله بول فهو في غاية الندرة ، وعليه فيكون تقديم الحسنة موجباً لإلغاء الموثقة رأساً أو حملها على موارد نادرة وهو ركيك ، فإن الرواية لا بدّ من أن يكون لها موارد ظاهرة ، وهذا يجعل الموثقة كالنص فتتقدم على معارضها.
لكن الإنصاف أنه يمكن المناقشة في هذا الوجه بأن الطير المحلل أكله إنما لم يرَ له بول عليحدة ومستقلاًّ عن ذرقه. وأمّا توأماً معه فهو مشاهد محسوس كذرقه وممّا لا سبيل إلى إنكاره ، ولك أن تختبر ذلك في الطيور الأهلية كالدجاجة فكأنّ الطير ليس له مخرج بول عليحدة ، وإنما يدفعه توأماً لذرقه. ومن هنا يرى فيه مائع يشبه الماء وعليه فلا يوجب تقديم الحسنة جعل الموثقة بلا مورد ولا محذور في تقديمها.
ثانيهما : أن تقديم الحسنة على الموثقة يقتضي إلغاء عنوان الطير عن كونه موضوعاً للحكم بالطهارة ، حيث تدل على تقييد الحكم بطهارة البول والخرء بما إذا كان الطير محلّل الأكل ، وهو في الحقيقة إلغاء لعنوان الطير عن الموضوعية ، فإن الطهارة على هذا مترتبة على عنوان ما يؤكل لحمه سواء كان ذلك هو الطير أم غيره. وهذا بخلاف تقديم الموثقة على الحسنة ، فإنّه يوجب تقييد الحكم بنجاسة البول بغير الطير ، وهذا لا محذور فيه فان عنوان ما لا يؤكل لحمه لا يسقط بذلك عن الموضوعية للحكم بنجاسة البول في غير الطير ، وبما أن الموثقة صريحة في أن لعنوان الطير موضوعية وخصوصية في الحكم بطهارة البول ، فتصير بذلك كالنص وتتقدم على الحسنة.
وهذا الوجه هو الصحيح ، وبذلك يحكم بطهارة بول الطيور وخرئها وإن كانت