شرعاً ، بل ولا ينبغي الإشكال في صحة بيع الأرواث مما يؤكل لحمه للسيرة القطعية المتصلة بزمان المعصومين ( عليهم السلام ) الجارية على بذل المال بإزائها ، وعلى جواز الانتفاع بهما في الإحراق والتسميد وغير ذلك. فالإشكال ينحصر ببوله وقد عرفت أن المشهور جواز بيعه ، وربما يستشكل في ذلك بوجهين :
أحدهما : أن البيع زائداً على ما اعتبروه في صحته يشترط فيه أن يكون العوضان مالاً بأن يكونا مما يرغب فيه الناس نوعاً ، ويبذلون المال بإزائه ومن هنا عرّفه في المصباح المنير بمبادلة مال بمال (١) وحيث إن الأبوال مستقذرة لدى العرف وإن كانت طاهرة شرعاً ، فلا يرغب فيها العقلاء بنوعهم ولا يبذلون المال بإزائها والتداوي بها لبعض الأمراض لا يقتضي ماليتها ، إذ لا يبتلى به إلاّ القليل ، ومثله لا يقتضي المالية في المال.
ويرد على هذا الوجه أُمور :
الأوّل : أن صحة المعاملات لا تتوقف على مالية العوضين نوعاً والعقلاء والعرف شاهدان على هذا المدعى ، لصحة بيع ما لا مالية له نوعاً كما إذا أراد شراء خط والده مع فرض أنه رديء ولا يساوي عند العقلاء بشيء إلاّ أنه يبذل بإزائه المال بداعي أنه خط والده ، فالمالية النوعية غير معتبرة في صحة البيع بوجه ، وأمّا تعريف المصباح المنير فلا اعتبار له لأنه في مقام شرح الاسم وليس بصدد بيان ما يعتبر في ماهية البيع وحقيقته.
الثاني : هب أن المالية معتبرة في العوضين إلاّ أن ذلك لا يمنع عن جواز بيع الأبوال لغرض التداوي بها لبعض الأمراض ، فحكم الأبوال حكم سائر الأدوية التي لا يبتلى بها إلاّ في بعض الأوقات ، ومعه يبذل بإزائها الأموال للاتجار بها لا لأجل الحاجة إليها فهل ترى بطلان بيع الأدوية ممن لا يحتاج إليها بالفعل؟ فالمنع عن بيع الأبوال من جهة أن الحاجة إلى التداوي بها قليلة مما لا يصغي إليه.
الثالث : هب أنّا سلمنا كلا الأمرين ، وقلنا بعدم صحة بيع الأبوال المذكورة إلاّ أن
__________________
(١) المصباح المنير ١ : ٦٩.