في صدق عنوان التجارة عن تراض على معاملة الأبوال غنى وكفاية ، وبذلك يحكم بصحتها ، والتجارة أعم من البيع وغير مقيدة بالمالية في العوضين.
وثانيهما : ما ربما يوجد في بعض الكتب من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إن الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه » (١) وأبوال الحيوانات مما يحرم أكله وعليه فبيع الأبوال باطل ، وهذه الرواية على تقدير ثبوتها كما تدل على بطلان بيع أبوال الحيوانات المحللة كذلك تدل على بطلان بيع أرواثها بملاك حرمة أكلها.
والذي يسهل الخطب أن هذه الرواية لم تصل إلينا بطرقنا وإنما نقلت من طرق العامة فهي ساقطة عن الاعتبار بل وفي جوهر النقي في حاشية سنن البيهقي (٢) أن عموم هذه الرواية متروك اتفاقاً. فاذا كان هذا حال الرواية عندهم فكيف يسوغ لنا العمل على طبقها.
__________________
(١) المستدرك ١٣ : ٧٣ / أبواب ما يكتسب به ب ٦ ح ٨ عن عوالي اللئالي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا ثمنها وإن الله إذا حرّم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه » ونقله عن دعائم الإسلام أيضاً باختلاف يسير.
وفي السنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ١٣ باب تحريم بيع ما يكون نجساً لا يحل أكله عن خالد الحذاء عن بركة أبي الوليد عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالساً عند الركن فرفع بصره إلى السماء فضحك وقال لعن الله اليهود « ثلاثاً » إن الله تعالى حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وإن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه.
ورواه أبو داود في السنن ج ٣ ص ٢٨٠ / ٣٤٨٨ من الطبعة الحديثة عن ابن عباس.
وفي المسند لأحمد بن حنبل ج ١ ص ٢٩٣ عن خالد الحذاء عن بركة بن العريان المجاشعي قال : سمعت ابن عباس يحدث قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعن الله اليهود ... إلخ وليست فيها كلمة « ثلاثاً » وفي ص ٢٤٧ بهذا السند عن ابن عباس قال كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قاعداً في المسجد مستقبلاً الحجر فنظر إلى السماء فضحك ثم قال لعن الله ... إلخ من دون لفظة « ثلاثاً ».
(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ١٣ في الهامش. قلت عموم هذا الحديث « مشيراً به إلى الحديث المتقدم نقله عن البيهقي » متروك اتفاقاً بجواز بيع الآدمي والحمار والسنور.