فتكون الجملتان من قبيل الخبرين المتعارضين.
ويؤيد تعدّدها قوله : « وقال لا بأس ... » لأنها لو كانت رواية واحدة لم يكن وجه لقوله وقال ، بل الصحيح أن يقول حينئذ حرام بيعها وثمنها ولا بأس ببيع العذرة ويؤكده أيضاً الإتيان بالاسم الظاهر في قوله : « لا بأس ببيع العذرة » فإنّها لو كانت رواية واحدة لكان الأنسب أن يأتي بالمضمر بدلاً عن الاسم الظاهر بأن يقول لا بأس ببيعها ، وكيف كان فالظاهر أنها روايتان متعارضتان ومقتضى الجمع العرفي بينهما حمل المنع على الكراهة بإرادة المكروه من كلمة الحرام بقرينة قوله لا بأس ببيع العذرة كما هو الحال في كل مورد تعارض فيه كلمة الحرام ونفي البأس ، فإنّهم يجعلون الثاني قرينة على إرادة الكراهة من الحرام ، كما ذهب إليه السبزواري قدسسره ، هذا كلّه مع قطع النظر عن رواية يعقوب بن شعيب. وأمّا إذا اعتمدنا عليها فالأمر أيضاً كما عرفت فنحمل كلمة السحت أو الحرام على الكراهة بقرينة نفي رواية الجواز.
إلاّ أن شيخنا الأنصاري قدسسره استبعد حمل السحت على الكراهة (١) ولعلّه من جهة أن السحت بمعنى الحرام الشديد ، ولكن الأمر ليس كما أُفيد ، لأن السحت قد استعمل بمعنى الكراهة في عدة روايات :
منها : ما ورد من أن ثمن جلود السباع سحت (٢).
ومنها : ما دلّ على أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن من السحت (٣).
__________________
(١) المكاسب ١ : ٢٤.
(٢) المستدرك ١٣ : ١٢٠ / أبواب ما يكتسب به ب ٣١ ح ٢ عن دعائم الإسلام عن علي عليهالسلام أنه قال : « من السحت ثمن جلود السباع ». وفي المصدر السابق ص ١٠٦ ب ٢٢ ح ٣ عن الجعفريات عن علي عليهالسلام قال : « من السحت ثمن الميتة إلى أن قال : ثمن القرد وجلود السباع ».
(٣) المستدرك ١٣ : ١١٦ / أبواب ما يكتسب به ب ٢٦ ح ٢ عن ابن عباس في قوله تعالى ( أَكّالُونَ لِلسُّحْتِ ) قال : اجرة المعلمين الذين يشارطون في تعليم القرآن وفي ص ١١٧ ح ٥ عن الجعفريات عن عليّ عليهالسلام قال : « من السحت ثمن الميتة إلى أن قال وأجر القارئ الذي لا يقرأ القرآن إلاّ بأجر ».