عن لباس الفراء والصلاة فيها؟ فقال : لا تصل فيها إلاّ فيما كان منه ذكيا ، قال قلت : أو ليس الذكي مما ذكي بالحديد؟ قال : بلى إذا كان مما يؤكل لحمه » (١) وقوله عليهالسلام « ذكّاه الذبح أو لم يذكه » (٢) في موثقة ابن بكير حيث أسند التذكية إلى الذابح فلا شكّ لنا في التذكية للعلم بوقوعها على الحيوان ، وإنما نشك في حليته فنرجع فيه إلى أصالة الحل.
وإن قلنا إن التذكية أمر بسيط أو أنها مركبة من الأُمور الخارجية ومن قابلية المحل ، فأصالة عدم تحقق التذكية وإن كانت جارية في نفسها إلاّ أنها محكومة بالعمومات الدالة على قابلية كل حيوان للتذكية ، ففي صحيحة علي بن يقطين قال : « سألت أبا الحسن عليهالسلام عن لباس الفراء والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال : لا بأس بذلك » (٣) ومعنى نفي البأس في جميع الجلود أنه لا مانع من لبسها مطلقاً ولو في حال الصلاة ، فتدل بالدلالة الالتزامية على تذكيتها ، إذ لو لم تكن كذلك لم يجز لبسها إما مطلقاً لو قلنا بعدم جواز الانتفاع بالميتة كما يأتي عن قريب أو في خصوص حال الصلاة.
وعلى الجملة الجلود على قسمين : فمنها ما نقطع بعدم قبول حيوانه للتذكية وإن وقع عليه الذبح بجميع ما يعتبر فيه شرعاً كما في جلد الكلب والخنزير ، أو نقطع بعدم تذكيته وإن كان قابلاً لها ومنه ما يقطع من الحي ، ولا إشكال في خروج جميع ذلك عن عموم نفي البأس في الجلود ، وقسم نقطع بوقوع التذكية عليه مع الشك في قابليته لها وعموم نفي البأس في جميع الجلود يشمله وبه نحكم بقبول كل حيوان للتذكية إلاّ ما خرج بالدليل ، ومع هذا العموم لا مجال لاستصحاب عدم التذكية.
ثم على تقدير جريانه فهل يترتب عليه النجاسة أيضاً أو لا يترتب عليه غير آثار عدم التذكية؟ فيه بحث طويل تعرضنا له في المباحث الأُصولية ، وحاصله : أن النجاسة لم تترتّب في شيء من الأدلّة على عنوان غير المذكى وإنما هي مترتبة على عنوان الميتة ، وهي كما نصّ عليه في المصباح عنوان وجودي وهو غير عنوان عدم
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلِّي ب ٢ ح ٢ ، ١.
(٢) الوسائل ٤ : ٣٤٥ / أبواب لباس المصلِّي ب ٢ ح ٢ ، ١.
(٣) الوسائل ٤ : ٣٥٢ / أبواب لباس المصلِّي ب ٥ ح ١.