بالعمومات الواردة في حلية كل حيوان وقعت عليه التذكية إلاّ ما خرج بالدليل كما دلّ على حلية ما يتصيد من الحيوانات البرية والبحرية (١) وكقوله تعالى ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً ... ) (٢) فإن مقتضاهما حلية جميع الحيوانات بالتذكية إلاّ ما خرج بالدليل ، وبما أن الشبهة حكمية فلا بدّ فيها من التمسك بالعام ما لم يقم دليل على خلافه.
وعليه فالأصل العملي واللفظي يقتضيان حلية الحيوان المشكوك فيه عند العلم بقابليته للتذكية ، وهذا من غير فرق بين الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية. نعم ، تمتاز الثانية من الاولى في أن التمسك بالعمومات فيها إنما هو ببركة الاستصحاب الجاري في العدم الأزلي ، لأن أصالة العدم الأزلي تقتضي عدم كونه من الحيوانات الخارجة عن تحتها كالكلب والخنزير وأشباههما.
الشك في الحلية مع عدم العلم بالقابلية
وأمّا إذا شككنا في حرمته وحليته مع الشك في قابليته للتذكية كما في المسوخ فهل تجري حينئذٍ أصالة عدم التذكية؟
التحقيق عدم جريانها من دون فرق في ذلك بين كون الشبهة حكمية وكونها موضوعية ، وذلك لأن التذكية إن قلنا بكونها عبارة عن الأفعال الخارجية الصادرة من الذابح من فري الأوداج الأربعة بالحديد كما هو المستفاد من قوله عليهالسلام « بلى » في رواية علي بن أبي حمزة قال « سألت أبا عبد الله وأبا الحسن ( عليهماالسلام )
__________________
(١) كصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « من جرح صيداً بسلاح وذكر اسم الله عليه ثم بقي ليلة أو ليلتين لم يأكل منه سبع وقد علم أن سلاحه هو الذي قتله فليأكل منه إن شاء » الحديث. وما عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « كل من الصيد ما قتل السيف والرمح والسهم » الحديث. المرويتين في الوسائل ٢٣ : ٣٦٢ / أبواب الصيد ب ١٦ ح ١ ، ٢. وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال « سألته عن صيد الحيتان وإن لم يسم عليه قال : لا بأس به » المروية في الوسائل ٢٣ : ٣٨٥ / أبواب الصيد ب ٣٣ ح ١.
(٢) الأنعام ٦ : ١٤٥.