ونحوهما أو لوقوع الميتة فيها (١) فان النزح وإن لم يكن واجباً حينئذٍ لعدم نجاسة البئر بملاقاة النجس إلاّ أن نزح مائها ولو للاستحباب مستند إلى نجاسة ما وقع فيها من الميتة ، ومنها غير ذلك من الأخبار الكثيرة.
والإنصاف أنه لم ترد في شيء من أعيان النجاسات بمقدار ما ورد في نجاسة الميتة من الأخبار كما اعترف بذلك المحقق الهمداني قدسسره (٢) ومن العجيب ما نسب إلى صاحب المعالم قدسسره من أن العمدة في نجاسة الميتة هو الإجماع وقصور الأخبار عن إثبات نجاستها (٣) ، وأعجب من ذلك ما حكي عن صاحب المدارك قدسسره (٤) من المناقشة في نجاسة الميتة بدعوى انحصار مدرك القول بنجاستها في الإجماع ، واستظهر عدم تمامية الإجماع في المسألة ، وخروجاً عن وحشة التفرد فيما ذهب إليه نسب القول بطهارة الميتة إلى الصدوق قدسسره ، لأنه روى مرسلاً عن الصادق عليهالسلام « أنه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللّبن والماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال : لا بأس بأن تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضّأ منه وتشرب ، ولكن لا تصلّ فيها » (٥) وقد التزم في أوائل كتابه أن لا يورد فيه إلاّ ما يفتي ويحكم بصحته ويعتقد أنه حجة فيما بينه وبين الله تعالت قدرته ، وبذلك صح إسناد القول بطهارة الميتة إليه ، وفيه :
أوّلاً : أن الدليل على نجاسة الميتة غير منحصر في الإجماع فإن الأخبار في نجاستها كثيرة بل متواترة.
__________________
(١) كما في صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام « عن البئر تقع فيها الميتة فقال : إن كان لها ريح نزح منها عشرون دلواً ... » المروية في الوسائل ١ : ١٩٥ / أبواب الماء المطلق ب ٢٢ ح ١ وعن أبي بصير قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عما يقع في الآبار؟ فقال أمّا الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلاّ أن يتغيّر الماء فينزح حتى يطيب ... » إلى غير ذلك من الأخبار المروية في الوسائل ١ : ١٨٥ / أبواب الماء المطلق ب ١٧ ح ١١ ، ٢ ، ٣.
(٢) مصباح الفقيه ( الطهارة ) : ٥٢٣ السطر ٤.
(٣) المعالم ( فقه ) : ٢٢٢.
(٤) المدارك ٢ : ٢٦٨.
(٥) الفقيه ١ : ٩ / ١٥.