وثانياً : أن نجاسة البول مما لا مناقشة فيه عنده قدسسره وهي إنما استفيدت من الأمر بغسل ما أصابه ، ومعه فلما ذا لا يلتزم بنجاسة الميتة في المقام؟ وقد ورد في غير واحد من الأخبار الأمر بغسل ما أصابته الميتة برطوبة.
وأمّا ما نسبه إلى الصدوق قدسسره فالكلام فيه يقع في مقامين :
أحدهما : في صحة إسناد القول بالطهارة إلى الصدوق بمجرد نقله ما يقتضي بظاهره طهارة الميتة.
وثانيهما : في حجية تلك الرواية في حقنا ولو على تقدير عمله قدسسره بطبقها.
أمّا المقام الأوّل : فالصحيح عدم تمامية الإسناد ، لأن الصدوق وإن التزم بما نقلناه عنه في أوائل كتابه ، ويبعد عدوله عما بنى عليه إلاّ أن مقتضى ذلك أن تكون الرواية وغيرها مما نقله في كتابه رواية عدل معتبر عنده ، وأمّا الإفتاء على طبقها فلا ، لأنه يعتبر في الإفتاء ملاحظة معارضات الرواية ودفع المناقشات الواردة عليها ، وما رواه قدسسره معارض بغير واحد من الأخبار وكيف يفتي بكل ما رواه من الأخبار المتعارضة فهل يفتي بالمتناقضين. ولعلّه يرى طهارة الجلود بالدباغة كما هو أحد الأقوال فيها ، كما يحتمل أن تكون الجلود المسئول عنها في الرواية جلود ما لا نفس له وقد نقل أنها تستعمل في صنع ظروف السمن والماء ونحوهما ، ومع هذه الاحتمالات لا يمكن استكشاف عمله بالرواية وحكمه بطهارة الميتة.
وأمّا المقام الثاني : فحاصل الكلام فيه أن الرواية ضعيفة لإرسالها فلا يمكن أن يعتمد عليها بوجه وإن كانت معتبرة عند الصدوق قدسسره ولعلّ وجهه أن العدالة عنده قدسسره عبارة عن عدم ظهور الفسق ونحن لا نكتفي بذلك في حجية الأخبار ، بل نرى اعتبار توثيق الرواة. هذا مضافاً إلى أن الرواية شاذة في نفسها فلا يمكن العمل بها في مقابل الروايات المشهورة ، وعلى الجملة أن نجاسة الميتة مما لا يعتريه شك.