كانت الملاقاة معها في حال الرطوبة كغيرها من النجاسات ، وهذا القول أيضاً نسب إلى العلاّمة وجماعة.
هذه هي أقوال المسألة والصحيح منها ما ذهب إليه المشهور وأفتى به في المتن كما سيظهر وجهه.
أمّا القول الأوّل : فيندفع بما ورد من الأمر بغسل ما لاقاه ميت الآدمي من الثوب واليد وغيرهما ، لأن ظاهره الإرشاد إلى نجاسة الميت الموجبة لنجاسة ملاقيه ، ومن ذلك صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام في حديث قال : « سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت فقال : يغسل ما أصاب الثوب » (١) ورواية إبراهيم بن ميمون المتقدمة (٢) وغيرهما من الأخبار.
ودعوى : أن الأمر بغسل ما لاقاه الميت أمر تعبدي لا يستكشف به نجاسته غير مسموعة ، لأن لازمها عدم إمكان القول بنجاسة أكثر النجاسات ، لأنّا إنما استفدناها من الأوامر الواردة بغسلها أو بغسل ما يلاقيها إلاّ في موارد نادرة ومنها الكلب حيث صرح بنجاسته في بعض أخبارها بقوله : رجس نجس (٣) ، فلا بدّ حينئذٍ من التزام طهارة غير الميت أيضاً من الأعيان النجسة من غير اختصاصها بميت الآدمي.
وأمّا القول الثاني : فيتوجه عليه ما قدمناه من الروايات ، لأنها ظاهرة في نجاسة الميت ومنجسيته للملاقي وإنكار دلالتها على ذلك مكابرة واضحة.
وأمّا القول الرابع : وهو دعوى منجسية الميتة لملاقيها مطلقاً ولو مع الجفاف فقد استدل عليه بإطلاق الأخبار الواردة في وجوب غسل ما يلاقي الميتة لعدم تقيدها بحالة الرطوبة. والجواب عن ذلك بوجوه :
الأوّل : أن إطلاقات الروايات منصرفة إلى صورة الملاقاة مع الرطوبة ، لأن هذا
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٦٢ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ٢.
(٢) الوسائل ٣ : ٤٦١ / أبواب النجاسات ب ٣٤ ح ١.
(٣) وهو صحيح الفضل أبي العباس المروية في الوسائل ١ : ٢٢٦ / أبواب الأسآر ب ١ ح ٤ ، وكذا في الوسائل ٣ : ٤١٣ / أبواب النجاسات ب ١١ ح ١.