هو المرتكز في الأذهان ، والارتكاز العرفي مانع عن انعقاد الظهور في روايات الباب في الإطلاق.
الثاني : أن الأخبار لو قلنا بإطلاقها معارضة بما رواه ابن بكير : « كل شيء يابس زكي » (١) والنسبة بينهما عموم من وجه ، لظهور أن المطلقات تقتضي نجاسة ملاقي الميتة مطلقاً كانت الملاقاة في حال رطوبتها أم في حال جفافها ولكنها مختصة بالميتة فحسب ، والرواية تعم الميتة وغيرها وتختص باليابس فقط ، فتتعارضان في مادّة اجتماعهما وهي صورة ملاقاة الميتة مع الجفاف وتتقدم الرواية على المطلقات ، لما ذكرناه في محله من أن ما كانت دلالته بالعموم لقوته تتقدم على ما كانت دلالته بالإطلاق (٢) ومعه لا تصل النوبة إلى تساقطهما حتى يرجع إلى قاعدة الطهارة.
الثالث : صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهالسلام قال : « سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميت ، هل تصلح له الصلاة فيه قبل أن يغسله؟ قال : ليس عليه غسله وليصل فيه ولا بأس » (٣) فإنّها دلت بإطلاقها على عدم منجسية الميتة لملاقيها كانت الملاقاة في حال الرطوبة أم في حالة الجفاف ، والنسبة بينها وبين ما دلت على نجاسة الميتة مطلقاً هي التباين ، إلاّ أن الأخبار الآمرة بغسل ما يلاقي الماء أو السمن الذي تقع فيه الفأرة وتموت الدالة على نجاسة ملاقي الميتة الرطبة (٤) قد قيدت إطلاق الصحيحة بما إذا كانت ميتة الحمار يابسة ، وبهذا انقلبت النسبة بينها وبين المطلقات من التباين إلى العموم المطلق ، لأن الصحيحة بعد تقييدها بالميتة الجافة تكون أخص مطلقاً من المطلقات ، فتقيد دلالتها على نجاسة الميتة بما إذا كانت رطبة وهذا هو انقلاب النسبة الذي صححناه في محلّه.
وبما ذكرناه في جواب هذا القول يظهر الجواب عن القول الخامس أيضاً ، وهو
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣٥١ / أبواب أحكام الخلوة ب ٣١ ح ٥.
(٢) مصباح الأُصول ٣ : ٣٧٧.
(٣) الوسائل ٣ : ٤٤٢ / أبواب النجاسات ب ٢٦ ح ٥.
(٤) كموثقة عمار المروية في الوسائل ١ : ١٤٢ / أبواب الماء المطلق ب ٤ ح ١.