المتقدِّمة (١) وقد دلت على وجوب غسل الثوب الذي لاقى جسد الميت من غير تقييده بما إذا كان بعد البرد. وذهب الشيخ قدسسره (٢) وجماعة إلى عدم نجاسة ميت الآدمي قبل برده بل نسب ذلك إلى الأكثر واستدل عليه بوجوه :
الأوّل : دعوى عدم صدق الميت مع حرارة البدن ، لعدم انقطاع علقة الروح ما دامت الحرارة باقية.
ويندفع : بأن لازم ذلك عدم ترتب شيء من أحكام الموت على الميت قبل برده من دفنه وغسله والصلاة عليه ، ولا نعرف في جواز ترتبها عليه حينئذٍ مخالفاً من الأصحاب ، كما يلزمه الالتزام بالطهارة وعدم الموت في ميتة سائر الحيوانات أيضاً قبل بردها ولم يلتزم بذلك أحد.
الثاني : دعوى الملازمة بين الغَسل بالفتح والغُسل بالضم فكما لا يجب الثاني قبل برد الميت فكذلك الأول.
ويتوجه عليه : أن الملازمة لم تثبت بينهما بل لا نشك في عدمها لأن مقتضى إطلاقات الأخبار وجوب الغَسل بالفتح من حين طرو الموت كما أن مقتضى صريح الروايات اختصاص وجوب الغُسل بالضم بما بعد برده ، فأين الملازمة بينهما؟
الثالث : ما ورد في ذيل رواية إبراهيم بن ميمون المتقدِّمة (٣) من قوله عليهالسلام « يعني إذا برد الميت » ، فإنّه صريح في عدم وجوب غسل ملاقي الميت قبل برده.
وفيه : أن من البعيد أن تكون هذه الجملة من كلام الإمام عليهالسلام والمظنون بل المطمأن به أنها من كلام الراوي ، فإنّها لو كانت من كلامه عليهالسلام لم يكن يحتاج إلى ضم كلمة التفسير وهي قوله : يعني ، بل كان اللازم حينئذٍ أن يقول : إذا برد.
__________________
(١) في ص ٤٦٢.
(٢) المبسوط ١ : ٣٧.
(٣) في ص ٤٥٨.