ويؤيد ذلك أن الرواية نقلها الكليني في موضعين من كتابه بطريقين وهي وإن كانت مذيلة بالجملة المتقدمة في أحدهما (١) وهي التي نقلها عنه صاحب الوسائل قدسسره إلاّ أنها غير مذيلة بها في الموضع الآخر (٢) فراجع فهذا الوجه ساقط.
الرابع : صحيحة إسماعيل بن جابر قال : « دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام حين مات ابنه إسماعيل الأكبر فجعل يقبّله وهو ميت فقلت : جعلت فداك أليس لا ينبغي أن يمس الميت بعد ما يموت ، ومن مسه فعليه الغسل؟ فقال : أمّا بحرارته فلا بأس إنما ذاك إذا برد » (٣) بتقريب أن ظاهر نفي البأس عن مس الميت قبل برده عدم ترتب أثر عليه من النجاسة ووجوب الغسل لعدم احتمال حرمة تقبيل الميت كحرمة الغيبة وقتل النفس قبل برده.
ويرد عليه : أن الرواية ناظرة إلى نفي البأس من ناحية لزوم الغُسل بالضم وهو الذي وقع مورد السؤال في كلام السائل ، ودلت على عدم وجوب الغُسل بالضم قبل برده ، ولا نظر لها إلى نفي نجاسته وعدم وجوب الغَسل بالفتح بملاقاته وحالها حال غيرها من الأخبار الواردة في نفي وجوب الغُسل بالضم بتقبيل الميت قبل برده كما في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال في حديث « وإن قبّل الميت إنسان بعد موته وهو حار فليس عليه غسل ... » (٤).
على أنه لم تفرض في الرواية رطوبة الميت حال تقبيله وإنما نفت البأس عن مسه فحسب ولا ينافي هذا نجاسته ومنجسيته على تقدير رطوبته.
الخامس : صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « مس الميت عند موته وبعد غسله والقبلة ليس بها بأس » (٥) حيث دلت على عدم نجاسة الميت قبل برده بعين التقريب المتقدم في الرواية السابقة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٦١ / ٥.
(٢) الكافي ٣ : ١٦١ / ٧.
(٣) الوسائل ٣ : ٢٩٠ / أبواب غسل المس ب ١ ح ٢.
(٤) الوسائل ٣ : ٢٩٣ / أبواب غسل المس ب ١ ح ١٥.
(٥) الوسائل ٣ : ٢٩٥ / أبواب غسل المس ب ٣ ح ١.